martes, abril 27, 2010

على قارعة الطريق سحر حمزة

على قارعة الطريق

قصة سحر حمزة

إنتظر مطولاً مرور أية حافلة لتقله إلى شارع رئيسي أو محطة ، مضت أكثر من ساعة وكافة محاولاته باءت بالفشل ، كانت تعبر من أمامه سيارات فارهة ،ملونة ،في منطقة سياحية بمدينة إعتبرها حلم حياته ،كان حريصاً طوال عمره على الوصول إليها ، وبعد مشقة وعناء وصراع مرير ،حظيت قدماه بأن تطأ أرض هذه المدينة التي إعتقدها أنها وردية اللون ناعمة الملمس مثل صبية عذراء لم تطأها أيادي أية ذئاب بشرية ،،ظل يحلم مطولا ً وهوينظر هنا وهناك ، ويرفع يده للسيارات العابرة لكنها لم تكترث له ،كل مشغول بشأنه ،وكل يغني على ليلاه ،،لم يلحظ أن سيارة كان سائقها ياتبعه عن بعد ، يعبر من جانبه دون أن يكترث لها ،ذلك بأنها سيارة عادية ،ليست حديثة أو فارهة أو ملونة ، كان يضع يده في جيبه ليجد كم يملك من النقود ،هي بعض دنانير لا تكفي لأن تقله لهدفه ،بقي يراوح مكانه ،يمشي هنا ،يلتفت هناك لعل وعسى ،معدته تؤلمه ،منذ الصباح لم يتناول شيئاً ،حتى شربة الماء لم تتوفر له ،إنه في مدينة ظنها حلمه ،لكنه إكتشف أن مسقط رأسه بالقرية أفضل بكثير مما أعتقده ،عاوده المشهد وهو عائد من المدرسة في حر الصيف ،كان يعبر بطريقه إلى بيته إلى أزقة مختلفة ،هنا ماء سبيل عبارة مازالت ترتسم في ذهنه ،سمع أم أحمد تناديه يا بني خذ هذا خبز ساخن ،سلك به معدتك قبل أن تصل البيت ،تبسم تلقائياً لقد لاحظ أنه يلعق لسانه مثل ضائع في صحراء ،جائع ،رأى كل أقرانه يودعونه و جيرانه يسلمون عليه يوصونه بجلب الهدايا له ،تبسم وقال في نفسه :لو أنهم يروني الآن ،ألهث كي أعود إلى مسكني مع 12شاب في بيت مزدحم ،،لماذا ؟كي أحقق حلمي ،،صمت قليلاً ثم تيقظ أنه في الشارع ،يقف على قارعة الطريق ،لم ينتبه للسيارة وراءه ،،أطلق السائق زاموراً عالياً ،،فتحت النافذة فإذا بها فتاة رائعة الجمال صبية ،تتحدث بنفس لغته قالت له :إلى أين تسير ؟؟قال إلى حي الأيوبيين ،،قالت :أنا متجهة لهناك هل تستقل سيارتي ؟تردد ثم نظر حوله ،،وسرعان ما قفز إلى السيارة ،،وجلس بجانبها ،،كانت تسمع أغاني من أيام زمان ،،أغاني ليست شبابية ،،صمت مطولاً ثم قطعت صمته قائلة :منذ متى وأنت هنا ،،لا يوجد محطة باص كيف وصلت ؟ قال : جئت لأقابل شخصاً من أجل العمل هنا ؟؟قالت :هل أنت جديد في البلد ؟قال نعم فقد حلمت بهذه المدينة وحلمت بالعمل فيها ،وأنهيت متطلبات دراستي ونجحت وحضرت لأبحث عن فرصة ؟؟قالت له :هل وجدتها ؟؟قال :مازلت أحلم ؟؟فجأة توقفت بالسيارة وقالت ها نحن قد وصلنا أكمل الطريق على قدميك وتابع الطريق المقابل تكون في المنطقة التي تريدها ،،قال لها:هل تعودت على ذلك ؟؟قالت لا ؟؟لكني في يوم من الايام وقفت مثلك مطولاً وقد ساعدني شخص غريب وأضطررت للركوب معه ،،فحقق لي أحلامي ووجد لي عملاً ؟؟وها أنا ذا كما ترى ،،تحقق حلمي لكني فقدت طريق العودة لأهلي لذلك إحذر أن تضيع الطريق ،،ثم مضت ،،،

domingo, abril 18, 2010

خلفيات صحافة إسبانيا بالشمال.. عبد اللطيف شهبون

خلفيات صحافة إسبانيا بالشمال..

عبد اللطيف شهبون

أهدى إلي الصديق الأعز الدكتور محمد النشناش كتاب Vicente Fernando de la Hoz الموسوم بـ«مذكرات لتاريخ الطباعة في شمال المغرب» «Apuntes para la historia de la imprenta en el norte de Marruecos»، وهو من منشورات معهد الجنرال فرانكو للبحث الإسباني ـ العربي سنة 1949، يحتوي على مقدمة كتبها طوماس غرثيا فيغراس، تحدث فيها عن الاهتمام الذي يوقظه موضوع الصحافة في المغرب.. خاصة في منطقة الحماية الإسبانية، اعتبارا لكون الصحف الأولى التي ظهرت بالمغرب هي الصحف الإسبانية.. وإسبانيا بالتالي صاحبة سبق وريادة في هذا المجال.. وفي مجالات أخرى، فهي التي استجلبت إلى المغرب هذه الرافعة القوية لثقافة الشعوب.. ثم تتالت بعد ذلك مجهودات نظيرة كانت على صلة بسبتة وطنجة مع مجموعة من الأجانب.. بذلوا بدورهم جهودا مضنية لخلق هياكل الثقافة بشمال المغرب..


وإِذْ يعتبر فيغراس ظهور جريدتيْ «صدى تطوان» و«مخبر تطوان» سنة 1860 مصدر فخر لإسبانيا.. يؤكد أن الصحف الإسبانية والأجنبية ظلت على مدى زمنيّ يناهز القرن سجلا حافلا لمظاهر الحياة المغربية في عمق وحقيقة نبضاتها..
وبعد وقوفه على المحاولات الأولى للتأريخ للصحافة في منطقة الحماية الإسبانية، ومحاولة لَمِّ موادها منذ سنة 1940، يحيل على عملين جيدين، الأول لـ Guillermo Rittwaen الذي عرف بشغفه في جمع المادة الصحفية دون اكتراثه بالتنظيم والمرجعيات البيبليوغرافية حول إفريقيا.. والثاني (Rafael de Roda) وهو صحفي عاش حياته كاملة بالمغرب خلال فترة الحماية.. ثم يضيف فيغراس إلى الإسمين السالفين Cayetano G.Nouvelles وهو صاحب دراية تامة بسبتة وRicardo Ruiz Orssati الذي يعده قيمة بارزة، وصاحب يد طُولَى على أسرار طنجة والمنطقة الشمالية، عليما بكل البيانات المعطيات ذات الصلة بالمنشورات الإسبانية والأجنبية.. ورغم كل ذلك يُقَيِّمُ فيغراس الأعمال المذكورة بعدم التمام، بل يعمم الحكم نفسه على المختارات الموجودة بقسم جرائد وصحف الحماية..
إلا أن بداية عام 1948 شهدت أولى المحاولات في تنظيم المواد الصحفية بهدف تسجيل أول علامة في خارطة طريق بَحْثًّي يتطلب قطع مسافات ومراحل مضنية.. وأما عمل Vicente Ferrando de la Hoz (كان موظفا بهيئة الوثائق والمكتبات إلى جانب إشرافه على قسم جرائد وصحف الحماية) فمتسم عنده بالذكاء والتمام والاعتناء بالمجمل والمفصل والإتقان والوعد بثمار طيبة.
ينبني هذا الكتاب الهام على قسمين، الأول يخصصه للطباعة في شمال المغرب والثاني، يشمل عرضا مفصلا من سبعة أبواب: فهرس ألفبائي للمطابع ومنشوراتها حسب الترتيب الكرونولوجي.. ومطابع شمال إفريقيا حسب الترتيب الكرونولوجي.. (1860 ـ 1948).. وفهرس جغرافي/ كرونولوجي لمطابع شمال المغرب.. والمطابع الإسبانية التي كانت تملك نماذج خطوط عربية وهي المطبعة الإفريقية بسبتة (1917 ـ 1930) مطبعة كريماديس بتطوان (1946 ـ 1948) مطبعة غرثيا وكونستيو (1883 ـ 1884)، وهذه أول مطبعة إسبانية طبعت بالعربية ملحق جريدة صدى تطوان El eco de Tetuán.. والمطبعة الإسبانية العربية (للبعثة الكاثوليكية بطنجة) (1911 ـ 1948).. ومطبعة المخزن بتطوان (1943 ـ 1948).. ومطبعة تلغراف الريف. بمليلية (1902 ـ 1947).. والمطابع العسكرية وتضم إحدى عشرة مطبعة تغطي سنوات 1860 ـ 1948 مع انقطاعات متفاوتة.. وهذه المطابع كانت موزعة على مدن سبتة وتطوان ومليلية.


كتاب «مذكرات لتاريخ الطباعة في شمال المغرب» يحتاج إلى وقْفات لإبراز الخلفيات الكولونيالية.. وهو مانأمل أن نقوم به في مستقبل الأيام بحول الله.

sábado, abril 17, 2010

EL ORIENTALISMO AL REVES

AGRADECIMIENTOS

Mi primer agradecimiento se dirige al Instituto Cervantes de Tánger, al Instituto Español Severo Ochoa y a todos los miem­bros del equipo que las componen. Sin la colaboración entusias­ta de profesores, secretaria, funcionarios de mantenimiento, este libro hubiera sido imposible. Pero por encima de todo debo destacar el papel jugado por Arturo Lorenzo, y por su familia, que abrió el Instituto Cervantes de Tánger, y su casa, a este foro, con una generosidad y visión encomiable. Por eso sus palabras aparecen en este libro. Lo mismo debo decir de los profesores del Instituto Español y de su director de entonces, Luis Badosa, y de Carmen Perea, Charo Macias, y Jose Angel Uriarte. Además, de manera muy especial, debo citar a los professors y panelistas, y miembros del FOTT, Mezouar El Idrissi y Khalid Raissouni. Y a nuestro gran forista y polemista Driss Jebrouni, cuyo consejo ha sido de gran valor a lo largo de casi dos años.

Debo también mencionar a todos los panelistas marroquíes intervinientes, por su entusiasmo y su rigor a la hora de participar y contribuir a los debates que siguieron a cada una de las intervenciones.

Por ultimo, es muy importante mencionar y agradecer a otras personas e instituciones sin las cuales este libro y este primer ciclo del Foro Observatorio Tánger -Tarifa no hubiera sido posible.

En primer lugar a Carlos Alberdi y a la Direccion General de Cooperacion Cultural del Ministerio de Cultura de España. En Segundo lugar, a Alfons Martinell y a Aina Blanco, de la Agencia Espanola de Cooperación International, del Ministerio de Asuntos Exteriores y de Cooperación de España.

En tercer lugar, al Consulado General de España en Tánger, al consul Tomás Solis y a su familia. En cuarto lugar, a la Unión de Escritores de Marruecos, por la entusiasta acogida que dieron a este foro. En quinto lugar, a la Delegación Provincial de Tánger del Ministerio de Cultura del Reino de Marruecos, al Festival Tánger Sin Fronteras y a la Asociación Tánger Medí­-Atlántica. Y finalmente, a Teresa Perea, secretaria general per­manente del FOTT, por toda so inestimable ayuda, y a los más de cien foristas que apoyaron esta iniciativa desde su fundación.

إنسان عمر حمّش

إنسان

قصة قصيرة

عمر حمّش
ضرب الأخماسَ في الأسداسٍ كعادتِه في كلَّ مساءَ، فصالَ مرعدا، وجال، فذبحَ ألفا أو يزيد ذبحَ الخراف الراجفات، تخيّر فيهم متلذذا مواضعَ سيفِه، فحزَّ الرقاب، وبقرَ البطونَ؛ ثمَّ مال على السَّبايا، فاركا كفيّه، فانتقى الفارعاتِ المستسلمات، ثمَّ ساقهن مهمهما إلى فراشِه كما القطيع، فضاجعَ ألفا، أو يزيد، ولمّا فرغ؛ عاد إلى الغنائمِ؛ يجمعُ ما استطاب، فكنسَ الأراضيَ بنظرةٍ، وأشار بإصبعه، فامتلك كلَّ المزارعِ في الجوار، ثم مال فاحتضن ما شاءَ من ذهب، وكنزَّ الحقائبَ، ثمَّ استفاض؛ فاستزادَ بضربةٍ، نظفَ الكونَ مما تبقى، أو رآه فيهِ قد علق، بعدها أغمض عينيهِ، وقد ارتضى، فاستراح، وعلى وجهه ارتمى مثل غريقٍ، وقد غفا!

في الصُّبحِ ضربتهُ الشمسُ، فصحا؛ سحبَ عكازَه، فقام مترنحا فوقه مثل حطام، واستقام، فخطا عَبْرَ بابِهِ العتيق، ولقد تنقلَ؛ حتى هبط على حجرٍِ يعرفُهُ في الطريق، صفّف هيكلَهُ، ثمَّ كصنمٍ شَخَص، وامتثلَ في الفراغِِ؛ يمدُّ كفَّ يمناه مفتوحةًً، وبإبطِهِ مالَ علي عكازِهِ، وقد انطوى، وعيناهُ تذرفان!


يوم أن كرهت الأرجوحة.. من سيرتي الذاتية سما حسن

يوم أن كرهت الأرجوحة.. من سيرتي الذاتية


سما حسن


كان جارنا الفقير كثير العيال يقيم أرجوحة خشبية أمام بيته الصغير، كانت الأرجوحة من الخشب، ولها حبال قوية وغليظة ومتينة من اللوف الخشن الذي يؤذي اليدين، ولكنني كنت مولعة بركوب الأرجوحة، وكنت أنفق كل ما أحصل عليه من مال من أمي وأبي من أجل ركوب الأرجوحة، حتى أصبحت " الزبونة" المستديمة لدى صاحب الأرجوحة الذي عهد بمسؤولية " حساباتها وإدارتها " لابنه الصغير والذي كان يكبرني بأعوام قليلة.


لم ألتفت في خضم لهفتي على ركوب الأرجوحة إلى تبدل القائمين على الخدمة، ولكنني كنت أتوق فقط إلى وضع قدمي على القاعدة الخشبية لها، وأن أحرك قدمي الصغيرين جيئة وذهابا في ثبات وسرعة من أجل أن تتحرك، وأبحث بعيني عن صاحب الأرجوحة لأستحثه كي يدفعني دفعة قوية أطير بها نحو أحلامي..


نعم كانت الأرجوحة بالنسبة لي هي سفينة الزمن التي تأخذني عن كل ما حولي، حين تحلق بي عاليا وأعانق بصفحة وجهي البيضاء لون السماء الأزرق، كنت أشعر بالسماء تربت على وجنتيّ، وكنت أسمع أصواتا تناديني وتستحثني وتكلمني، وكنت أرى ما لا يراه البشر، خاصة حين تتوسط الشمس كبد السماء، فتلك كانت هي اللحظة التي أحلم بها حين أرى الشمس كبيرة متوهجة، وحولها السماء وتحتها مباشرة يطير رأسي الصغير في رحلة لا تستغرق سوى ثانية من الوقت، ولكنني كنت أتمنى لو تطول الرحلة، وكنت أتمنى لو مددت يدي وتعلقت بالشمس التي ستأخذني لعالم جديد، وكنت أحلم وأحلم حتى تحولت علاقتي بالشمس والسماء لموعد غرامي كل يوم، في عز الظهيرة حين يخلو شارعنا في صيف غزة القائظ، وحين تعد أمي وجبة الغداء، ويتحلق حولها إخوتي انسل من بينهم كقطة تبحث عن مكان لقضاء حاجتها، وأتسلل إلى الأرجوحة، فأدس في كف صاحبها القطعة المعدنية الصغيرة، وأطير نحو عالمي…..


أصبحت أفقد وجبة غدائي كل يوم من أجل موعدي مع الشمس والسماء، وأعود إلى البيت وقد تناولت عائلتي الوجبة الرئيسية، وتركوني دون طعام عقابا لي، ولكنني كنت انزوي في غرفتي الهث من فرط الانفعال واستعيد في وحدتي كل ما رأيته في السماء في رحلتي القصيرة………


ولم أنتبه إلى تبدل المسؤول عن الأرجوحة، وأنا أعود كل يوم في نفس الوقت، ووجنتاي تتضرجان بالحمرة القانية، وشعري يتناثر حول وجهي المستدير، وتتلوث ساقاي بالرمال الجافة، ولكنني كنت أفكر فقط بأحلامي وخيالاتي وموعدي الغرامي


كانت أمي تلبسني فساتين قصيرة ترتفع عن ركبتي بمسافة كبيرة، لدرجة أنني حين انحني يظهر فخذاي البضان المكتنزان بوضوح، ولكن هذه كانت الموضة الدارجة في أواخر السبعينات، ولم أنتبه إلى أن المسؤول عن الأرجوحة كان يدعو أصدقاءه كل يوم ممن هم في سنه وأكبر وأصغر، ليتحلقون حول الأرجوحة، وينظرون لأعلى وتحديدا وتركيزا للفستان حين أطير، وتتوجه كل العيون المحملقة الجائعة إلى ما تحت فستاني الصغير,,,,,,


كنت أرى اللهفة والاستعداد حين اقبل من بعيد، وأن الفتى المسؤول عن الأرجوحة أصبح يطيل لي المدة المقررة،والتي كانت تنتهي سريعا مقابل قروشي القليلة، ولكنني لم أفكر بالسبب، وربما فكرت للحظة وعزوت ذلك لقلة المرتادين في ذلك الوقت، خاصة أن كل جيراننا من الطبقة الفقيرة، وكنا نحن العائلة الثرية في المنطقة……..


مرت الأيام كثيرة في العطلة الصيفية وأنا أزور أرجوحتي، وأطير مع أحلامي، أتنازل عن وجبة الغداء، ويقرصني الجوع، وفي كل مرة أطير أجد عالما جديدا يرسمه خيالي، حتى كان اليوم الذي سمعت كلمة نابية وأنا أطير…….


سمعت من يصف فخذيّ المكتنزين في وصف قبيح بذيء، وفي تلذذ لا يخلو من نهم……


صحت وأنا أحلق عاليا بالمسؤول عن الأرجوحة أن يوقفها..الدموع اندفعت من كل مكان في وجهي……..


احتقن وجهي أكثر وأكثر بحمرة الغضب والخجل، وكل المسميات التي يمكن أن تطلق على موقفي عدا السعادة التي كنت أشعرها وأنا أحلق…….


وجدت الجمع الغفير من أبناء الحي المتحلق والمفتوح العيون أسفل قدمي حين نزلت عن الأرجوحة….


شعرت كم أنا غبية..وكم كنت عرضا مثيرا ومغريا وأنا منطلقة ببراءة نحو أحلامي وسعادتي الوهمية……..


أطلقت سبابا خافتا مخنوقا بالدموع وهرعت للبيت وبكيت كما لم ابك ومن يومها لم أعد للأرجوحة ولم أرد على سؤال أمي: لماذا أصبحت أول من يجلس لمائدة الغداء؟


تعلمت الكثير من هذا الدرس.


أول ما تعلمته انه من السهل أن تحلم، ولكن من الصعب أن يدعك من حولك تواصل الحلم……..



الكثير من الضحك القليل من الكهرباء


من يوميات امرأة محاصرة في غزة



سما حسن


بالأمس كان يوما عاديا ينقطع فيه التيار الكهربي لفترة طويلة، وأعود في المساء مرهقة إلى البيت ، محملة بأكياس سوداء بلاستيكية بها الكثير من المنظفات للبيت، وذلك خوفا من شحها بعد أن بدأت مصر في بناء الجدار الفولاذي، ومعنى ذلك أن تنقطع البضائع عن الوصول لغزة عبر الأنفاق الممتدة كأفاع تحت الأرض بين غزة ومصر…..


مرهقة أضع الكثير من أصناف الطعام أمام الصغار على المائدة وأقضم تفاحة كبيرة وأهرع لسريري لأرتاح وأعلن أمامهم: اللي بيحب ماما بيشغل صامت الصوت……….


وأقصد بكاتم الصوت أن يصمت الأطفال تماما من أجل أن أنام، هكذا دائما أقول لهم" تخيلوا أنفسكم عبارة عن أجهزة ريموت كونترول خاصة بالتلفاز…..


تخيلوا ان يكون لدي أربعة أجهزة ريموت كونترول


والصغار يفعلون ويتخيلون ولذا حين أنشد الهوء أصرخ بهم: كلو يشغل كاتم الصوت……..


وهكذا قاضمة على التفاحة الحمراء وكأني أقضم الحياة الجميلة التي احلم بها ، أهرع لسريري لأرتاح وأترك الصغار على المائدة يستمتعون بالطعام الذي جلبته لهم بآخر ورقة نقدية أملكها ……. فالأمس كان اليوم الأخير من الشهر……


وحين أصبحت في السرير وتكورت وأنا ممسكة بتفاحتي الشهية تناهي لمسمعي صوت الصغار……


أنصت كملك ينصت إلى حاشيته كما كان يفعل الملوك في الأيام الغابرة، وحين لم يكونوا يهوون الكراسي ولا يعرفون كيف يتركونها، كان صغاري يتحدثون بحديث أثلج صدري……


ابني الأكبر كان يقول: بكرة بس أكبر ويصير لي بيت راح أخد ماما تعيش عندي


صاح الصغير: لا ماما راح تعيش في بيتي……..


صاحت ابنتي الكبرى: لا ماما لا يمكن تعيش عند " كنتها" ماما راح تعيش في بيتي


زمجر الكبير قائلا: لا ماما راح تعيش في بيتي أنا ابنها الكبير هيك العادات عنا في غزة………


صاح الصغير: لا ماما حبيبتي وراح تعيش عندي ، هي بتحبني وما بتستغني عني……..


رد الكبير وردت الصغيرة: لا أنت مزعج وكثير الحركة وماما تحب لا هدوء


زمجر الصغير وضغط على أسنانه حتى شعرت بها سوف تتكسر عن بعد: لا أنا راح اشتري لها قطتين


واحدة راح اسميها " أس أس" على اسم القطة اللي ماتت


والتانية بس بس …….عشان تتسلى ماما فيهم لما تصير عجوزة


رد ابني الكبير: لا أنا راح اعمل لماما أشي أحسن من القطط


التفت له جميع الأبناء واستحثوه أن يتكلم فصاح ويهو يضرب صدره بقبضتيه: أنا راح أجوزها………


آه راح أجيب عريس لماما تتسلى هي وهو ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


ضحكت


وشرقت بالتفاحة


ونهضت من السرير واحتضنتهم جميعا


على إحساسهم وعلى حبهم


ولم انس أن أسأل ابني الكبير: يا ماما على ما تكبر راح كون أنا في الخمسين من عمري


يا ترى كم حيكون عمر العريس؟

التطبيع.. وما بعد التطبيع سوسن البرغوتي

التطبيع.. وما بعد التطبيع

سوسن البرغوتي

لم يعد خافياً على أحد معنى التطبيع، والدعوة إلى ممارسة التطبيع مع العدو في شتى المجالات، ولكن يبدو من الأهمية بمكان، إعادة تعريفه باختصار.

التطبيع "كما هو مفترض" هو فتح ساحات للتحاور والالتقاء ومشاركة العدو في مؤتمرات أو اجتماعات سرية كانت أو علنية، والمشاركة الفاعلة في جمعيات ما يُسمى السلام، وما يتبع ذلك من تنسيق أمني وسياسي وتبعية اقتصادية للمحتل، ناهيك عن التمثّل باتفاقيات "السلام" المبرمة بين العدو الصهيوني ومصر والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية، التي أدت إلى تجريف وتعرية الثوابت الوطنية بغية تحقيق سلام مزعوم مع من هو ليس معني به.

المفاوضات بين "الإسرائيليين" وفلسطينيين واتفاقيات التطبيع العلني، أثبتت بعد عشرين عاماً ماراثونية فشلها، بل سقوطها سقوطاً مدوياً، وعلى الرغم من ذلك، ما زال هناك من يأمل بما يسمى "حل الدولتين"، أما بعض الذين رفضوا ويرفضون حالياً المشروع الساقط، ليس بدافع وطني نزيه وشريف ، بل بعضهم من غلاة تغليب الهم القطري على الهم العام العربي، من منطلق الحفاظ على مصلحة (بلدي أولاً)، وليكن هذا الشعار غايتهم، أهم من تحرير كل فلسطين والأراضي المحتلة عام 1967، لكن أن يدفعوا بأي حل تسوي أكثر خطورة وسوءً من الأول، بتقديم مشروع التعايش السلمي مع المحتل، وحتى هذه اللحظة لا يوجد برنامج سياسي قائم على توازن القوى بين (الشعبين) على جميع الأصعدة، بل على العكس تماماً، فحتى التفوق السكاني للفلسطينيين، بطريقه إلى تفوق "إسرائيلي"، وما هجرة الآلاف من الهنود والروس والمهاجرين من اليهود العرب وغير العرب للكيان، يثبت أن الغلبة سكانياً للتجمع اليهودي في الكيان الغاصب.

ولو استعرضنا على عجالة آخر إحصائيات عدد اليهود في "إسرائيل"، الذين يبلغ عددهم سبعة ملايين، وعدد الفلسطينيين في الضفة والقطاع وفلسطين الداخل المحتل، يبلغ عددهم أربعة ملايين ونصف المليون تقريباً، ومطالبة الصهاينة بتعويض (شتاتهم) وفقاً للقرار 194، أسوة بمن هُجروا من الفلسطينيين قسراً من أرضهم عام 1948، سنصل إلى نتيجة أن القرار يخدم "إسرائيل" ويضيع حقي وحقك وأرضي وأرضك، للعيش بسلام وأمن مع "الجار" المحتل.

هذه من الناحية السكانية، أما من النواحي الاقتصادية والتفوق السياسي والعسكري، وتهويد القدس والضفة واقتراب هدم الأقصى، حدّث ولا حرج، إذن ما هو البرنامج السياسي الذي يمكن أن يحقق، ما ذكره أحد طارحي مشروع (الحل الأمثل في الدولة الواحدة)، فقد قفز على آليات ومعطيات على أرض الواقع، إلى نتائج تخيلية وغير مقنعة، لاستجداء "إسرائيل" وإقناع الفلسطينيون بالبدء (بالاعتراف بمواطنة مساوية على أرض فلسطين لمن أتوا محتلين مستوطنين، وانتهاء بقبول التعايش مع هؤلاء رغم كل ما اقترفوه).. وفي الوقت ذاته يعتبر بعض هؤلاء الغلاة الوطنيون من مناهضي التطبيع مع العدو، وممن يرفضون "حل الدولتين" لخطورة سطوة (المتطرفين الإسلاميين) على (الدولة الفلسطينية ) الوهمية.

إذن الرفض لم يكن على أساس حق الشعب الفلسطيني بأرضه وتخليصه من الاحتلال، إنما نابع من هواجس ومخاوف وجود دولتين متجاورتين متطرفتين دينياً!...

كذلك الخوف من مشروع حل الوطن البديل "والكنفدرالية الثلاثية" الذي رفضناه ونرفضه، لأنه يعني باختصار توسع صهيوني، وتمكّن "إسرائيل" من الإمساك بزمام الأمور وقيادة الوطن العربي.

إنها مفارقة فظيعة بعد كل هذا، أن يُقدم شعب وأرض فلسطين كبش فداء، من أجل أن لا يتم استكمال إلحاق أو تطويع بعض هذا الجوار لشفط ثرواته، وكأن ذلك لم يحدث بعد احتلال العراق، وتواجد قواعد عسكرية، ومشاريع اقتصادية وتجارية ربحية، وتبادل إعلامي في الخليج العربي، وكأن

هذه الحالات لم يتم تطبيقها في مصر والأردن عبر مستثمرين ووسطاء عرب متصهينيين وأجانب، وكأن تلك المشاريع ليست إلا تزاوج تمويل غربي وبأيدي عاملة عربية بأبخس الأجور، وبتكنولوجا "إسرائيلية" عالية الكلفة. والأهم من ذلك كله، تجاهل مرامي المشروع الصهيوني الاستعماري العالمي، والتغاضي عن ماهية إستراتيجية هذا النوع من الاحتلال الإلغائي، ليس لشعب وأرض فلسطين فحسب، بل لكل ما يمت لهوية وتاريخ وجغرافية العرب بصلة من المحيط للخليج العربي.

ويستمر التآمر على الشعب الفلسطيني، للتشبّه بما حدث للهنود الحمر في أمريكا، كي يتحولوا أقليّة على أرضهم مقابل أكثرية محتلين. والمطلوب الخروج من نفق مظلم إلى آخر أكثر بشاعة وجرماً من النفق الأول، وإلى حين اكتشاف عقمه وعدم جدواه، يغرق الفلسطينيون بوهم آخر، عنوانه مرة أخرى.. "حل الدولة الواحدة"، تكون "إسرائيل" ابتلعت المشرق العربي بأكمله، وهذا ما ينبغي أن ينذر دول الجوار العربي المجدولة على قائمة توسع "إسرائيل" لرقعة نفوذها دون تحمل كلفة الاحتلال أو مسؤولياته القانونية، فهل يمكن تقبّل الهروب من تحميل الكيان المسؤولية السياسية والأخلاقية والقانونية، إلى قبول محتلين مستعمرين، رغم كل ما اقترفوه، وإذا كان المفهوم الصحيح لطرد المحتل، هو في التحرير، إذن لماذا هذا الخلط العجيب؟!.

إن ما ينهي الصراع يتمثّل في عودة الفلسطينيين إلى وطنهم المحرر، لا أن يعيشوا جنباً إلى جنب مع من فتكوا بالحجر والبشر، وعاثوا بالأرض فساداً وتخريباً.

الحل لا يكمن بكل الأطروحات المشبوهة تارة، والملتبسة تارة أخرى، إنما بمساندة المحاصرين وإنقاذهم من الغرق على الجبهتين "الإسرائيلية" والمصرية، بفتح معبر رفح، ودعم المرابطين والشعب المنسي في فلسطين المحتلة عام 1948 من خلال بناء مؤسسات وطنية تعينهم على الصمود والتصدي للمحتل، والتغاضي عن تهريب أسلحة للمقاومين، أسوة بما فعله الملك السنوسي إبان الثورة الجزائرية، وإسقاط سلطة وجودها أخطر بكثير من "التطرف والعنف" الفلسطيني على الجوار العربي، وإبقاء المعركة في الأرض المحتلة، وشطب اتفاقيات التطبيع وملحقاتها..فهل هذا كثير؟!.

لا أحد يطالب الأنظمة العربية بواقعها المرير والبائس بتحرير فلسطين كاملة، والمعركة طويلة والحسم يحتاج لسنوات إن لم يكن لعقود، وقد يُحسم الأمر كله بعد نشوب حرب عالمية ثالثة عسكرياً، لكن على الأقل أن لا يحاربوهم، ويدربوا أجهزة دايتون، ويرجحوا كفة الفلسطيني المستسلم، للقضاء نهائياً على المقاومة الفلسطينية، وإن أي حل التفافي سيزيد الطين بلة، لأنه وبال علينا وعلى العرب أجمعين.


بالمحصلة، هذه الأفكار الهجينة والغريبة العجيبة، وتآمر أنظمة عربية، جزء هام من إعاقة عملية تحرير فلسطين، فثمة خيارات كثيرة لابتداع وسائل وأساليب للتصدي ومقاومة المحتل، لو وجد الفلسطينيون سنداً وعوناً لهم، ولا ننسى دائماً وأبداً أن الجزائر وقعت تحت الاحتلال 134 سنة، وتم تحريرها على يد الشرفاء والوطنيين والجهاديين العظماء، وبمساعدة ومساهمة مصر عبد الناصر العربي الأصيل، لا باشتراك أدوات التصهين (العربي)، إذ لا يوجد مستعمر بقي إلى الأبد، ولا توجد شعوب قبلت بالتعايش مع السجان والقاتل ومغتصب الأرض والحقوق، ولن يصح بنهاية المطاف إلا الصحيح.
أخيراً.. إن فلسطين وكل قطر عربي محتل، لن تحرره نفوس مستعبدة، منافقة أو متلونة حسب المناسبات، والمأجورة.. المأفونة العاشقة للمال والسلطة بهدف السلطة وليس من أجل المقاومة والتحرير الشامل، أو تلك التي تقدم بسخاء تنازلات موجعة ومؤلمة، ظناً منها أنها تحمي باقي البلاد العربية، ولا أحد محصن من المشروع الاستعماري الشامل.

فكما قال زعيم الأمة العربية الراحل جمال عبد الناصر، (إن الخائفين لا يصنعون الحرية، والمترددين لن تقوى أيديهم المرتعشة على البناء)...

martes, abril 13, 2010

فوضى المفاهيم مصطفى محمد أبو السعود



مصطفى محمد أبو السعود
فوضى المفاهيم

يقول أهل المنطق أن اللغة هي الفكر المنطوق وأن الفكر هو اللغة الغير منطوقة أي أن هناك علاقة نسب بينهما ولا مجال لفض العقد التزاوجي الأزلي الأبدي بين الطرفين، لكن يمكن أن يحدث تفاوت في تأثير احدهما على الأخر وقوة تأثير هذا الطرف بذاك ويرجع ذلك أحيانا إلى قوة التدخل الخارجي الذي يأمر احدهما بالاستجابة للأخر بنسبة يقررها هو ( العامل الخارجي) فلا يخفى على احد ما للسياسية من سلطة لامحدودة على اللغة والفكر، فالسياسي يطلب من أهل اللغة إيجاد الألفاظ المناسبة التي يمكنه إطلاقها لتعبر عما في نفسه وعقله من رغبات وأهواء ثم يعطي الضوء الأخضر لأهل الفكر ليشرحوا معنى تلك المصطلحات وتبرير أسباب استخدامها والفائدة المرجوة منها ثم يعودوا للغة ليكتبوا بحروفها استحقاق احدهما على الأخر.
هذا ما هو ملاحظ في عالم اليوم الذي أصبحت المصطلحات بكافة أصنافها تزاحم الناس في كل شئ حتى أن الناس لا يكادوا يفهموا معنى مصطلح حتى يطل آخر من النافذة ، ولان الإعلام هو الحكم الفصل وصاحب القدرة على تعويم العقل البشري فقد أعطى مساحة كبيرة لمساعدة كافة الأطراف في جعل هذه المصطلحات صديقة ومألوفة للناس تشرب معهم وتأكل معهم وتنام معهم وترفرف كل صباح أمام أعينهم كطائر يغرد بها إذا التقى بأحد من أهله أو جيرانه أو أصدقائه.
كثيراً هي المصطلحات التي يحاول الإعلام تسويقها وكأنها ذات جدوى وخاصة تلك التي تطبخ في المطابخ الغربية فالعولمة التي تسوق على أنها انفتاح الجميع على الجميع من اجل الجميع فإذا هي (وأمام سحر الحضارة) إقرار من الجميع لسيد ة الكون بإمكانية التأمل في كل شئون حياة الأفراد، والاتفاقيات الاقتصادية تروج على إنها مبشرة بالرخاء فإذا بها تتحكم في عدد الوجبات التي يتناولها المواطن العربي، والاتفاقيات السياسية تروج على أنها تعزيز التعاون فإذا بها تعزيز الانبطاح ، والتعاون الثقافي تعارف على العالم فإذا به إسقاط في مستنقع الرذائل ، والبعثات التعليمية تهدف لإكساب معارف جديدة فإذا بها تلغي الخصوصيات الجماعية وتمسحها من ذاكرة أصحابها،والإرهاب الذي يسوق على انه محافظة على الأمن العالمي فإذا هو يقتل الجميع دون شرع أو أدب،والتنسيق الأمني الذي يسوق على أنه ضرورة لكل الأطراف فإذا به يضع المؤسسات الامنية الدولية في جيبة وزير الخارجية الأمريكية ، و أن الاحتلال أصبح تحريراً ، والاستسلام لرغبات الاحتلال يسمى تعاون مع الأسرة الدولية والقرارات الأممية،والإساءة للإسلام حرية تعبير عن الرأي ، ورسول الرحمة اكبر إرهابي في التاريخ ،والقران الكريم لم يعد ملائما للعصر الحالي، والسفور أصبح تحرراً، والعري صار ثقافة والزنا حرية شخصية والمشروبات الكحولية تسمى بالمشروبات الروحية والتمسك بالدين رجعية والمقاومة إرهاب والاستشهاد انتحار،وجنازة احد علماء الأمة لا يراها احد ولا يسمع بها احد، اما أغنية هابطة فإنها تعاد في بعض القنوات العربية اكثر من عدد الذين قتلهم الاحتلال.
لقد آن الأوان للمجتمعات العربية أن تفتح عهداً جديداً مع ثقافتها الأصيلة وتخرج المصطلحات المشرفة من ثلاجة الماضي وتضعها أمامها على طاولة البيت كل صباح لتقتبس من نورها وتسير بهداها وإلا فإن العالم سيصبح اكثر فوضى في ظل عنوان المقال.


* نواف الزرو* نيسان في سجل المجازر الصهيونية





* نيسان في سجل المجازر الصهيونية
* نواف الزرو

ليس فقط لم يتوقف نهج المذابح والمجازر الصهيونية على مدار الاثنين والستين عاما الماضية التي اعقبت النكبة، بل باتت هذه السياسة العمود الفقري للاستراتيجية الاسرائيلية ضد الشعب العربي الفلسطيني، الذي اصبح يواجه في كل يوم المزيد والمزيد من المجازر والنكبات التي لا حصر لها، غير ان شهر نيسان الفلسطيني يتميز عن شهور السنة الاخرى بموقعات عديدة نوعية اثرت على مجريات التاريخ الفلسطيني في الصراع مع المشروع الصهيوني.
فمن التفجيرات الارهابية الدموية الى الاغتيالات.. الى المجازر الجماعية.. الى التدمير والتهديم الشامل للبلدات والقرى الفلسطينية.. وغير ذلك من العناوين..كلها نقرأها في نيسان من رزنامة المشهد الفلسطيني منذ ما قبل عام النكبة ..!.
ففي الأول من نيسان/1948 "وصلت كما هو معروف- طائرة نقل من طراز داكوتا محملة بالأسلحة التشيكية إلى مطار عسكري بريطاني مهجور في جنوب فلسطين، وقد تم توزيع الأسلحة على المستعمرات اليهودية في المناطق الجنوبية على الفور"، وبعد يومين من ذلك، "وصلت- كما يوثق محمد جلال عناية- باخرة سراً إلى خليج صغير على الساحل الفلسطيني تحمل شحنة أخرى من الأسلحة التشيكية"، وجاءت الأسلحة استجابة إلى برقية بعث بها بن غوريون إلى ايهود أفريل ممثل الهاجاناه في براغ يأمره فيها بإرسال شحنات سريعة من الأسلحة.
وفي مطلع نيسان/48 تمكنت القوات الصهيونية من احتلال القسطل التي كانت تتحكم بالطريق الموصل بين تل أبيب والقدس، ولكن قوات المجاهدين العرب استعادوت التلة في الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم 8/4/1948 وقد استشهد في ذلك اليوم عبدالقادر الحسيني قائد جيش الجهاد المقدس، ثم سقطت القسطل في صباح اليوم التالي 9/4/1948.
وفي 9/4/1948 نفذ الصهاينة مذبحة دير ياسين التي خصص لها 1500 من أفراد عصابات والهاغاناه، ففي الساعة الثانية من فجر ذلك اليوم أعطى الأمر بالهجوم على القرية فتحركت وحدات الأرغون بالإضافة إلى إرهابيين من عصابات الهاغاناه والبالماخ لاكتساح القرية من الشرق والجنوب وتبعتهم جماعة شتيرن بسيارتين مصفحتين وضع عليهما مكبر للصوت .
استهدف الصهاينة من وراء المجزرةقتل او تهجير اهل القرية .
كانت المقاومة العربية افي دير ياسين فوق توقعات العصابات الصهيونية ، وما بزع الفجر حتى صعد هؤلاء هجومهم وعملياتهم العسكرية محاولين التقليل من الإصابات في صفوفهم عن طريق نسف مداخل البيوت الحجرية بالقنابل ثم مداهمتها وقتل الموجودين، وانضم إلى هؤلاء فيما بعد أعضاء من عصابات بالماخ، حيث قاموا بقصف الطريق المؤدية إلى القرية لردع الجنود العرب الذين جاءوا من عين كارم لنجدة القرية مستعملين " أي العصابات " قنابل المورتر في جهود لإسكات مصادر المقاومة الفلسطينية في القرية، ونودي إلى السكان عبر مكبرات الصوت أن المخرج الغربي للقرية مفتوح .. سكان القرية الذين صدقوا النداء اصطيدوا برصاص الإرهابيين اليهود، وأما الذين بقوا في المنازل ومعظمهم من النساء والأطفال والشيوخ فقد تم الإجهاز عليهم إذ أخذ اليهود يلقون بالقنابل داخل البيوت فيدمرونها على من فيها .. وقام اليهود بقتل كل من يتحرك أو من كان داخل أي بيت وكل عربي بقي حياً .
حفر الصهاينة في نهاية العملية قبراً جماعياً دفنت فيه مائتان وخمسون جثة أكثرهم من النساء والأطفال والشيوخ .
وتشير الذاكرة الوطنية الفلسطينية إلى أن المجزرة الجماعية التي نفذتها القوات الصهيونية ضد أهالي بلدة دير ياسين كانت الأخطر والأشد تأثيراً على مجريات حرب 1948 ونتائجها ، حيث استثمرها القادة الصهاينة في نشر الإرهاب والرعب في نفوس الفلسطينيين .
وفي 10/4/1948 هاجمت عصابات الهاغاناه قرية ناصر الدين ( قضاء طبرية ) وأحرقتها وقتلت معظم سكانها وأخرجت الباقين تمهيداً للهجوم على طبرية .
ففي ليلة 14 نسيان حضرت قوة من الصهاينة يرتدون الألبسة العربية إلى القرية فاعتقد أهل القرية أنهم أفراد النجدة العربية المنتظرة القادمة إلى طبريا فاستقبلوهم بالترحاب ، فلما دخل الارهابيون القرية فتحوا نيران أسلحتهم على مستقبليهم ولم ينج من المذبحة إلا أربعين عربياً استطاعوا الفرار إلى قرية مجاورة وقد دمر الصهاينة بعد المذبحة جميع مساكن القرية، وكان عدد سكان القرية عام 1945 قرابة 90 فلسطينياً .
في 10/4/1948 هاجمت الهاغاناه قرية قالونيا ( بين القسطل والقدس ) وأحرقتها .
في 13/4/1948 هاجمت الهاغاناه قرية اللجون ( قضاء جنين ) وقتلت 13 عربياً .
وفي 16/4/1948 هاجمت الهاغاناه قرية ساريس ( طريق القدس ) وهدمت معظم بيوتها وطردت سكانها .
وبتاريخ 10/4/1973 ، نفذت مجموعة من القوات الخاصة الإسرائيلية بقيادة " ايهود باراك " وزير الحرب في حكومة نتنياهو في العاصمة اللبنانية، عملية تصفية قادة منظمة التحرير الفلسطينية الثلاث، الشهيد محمد يوسف النجار وزوجته والشهيد كمال عدوان وكلاهما من قادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ، والشهيد كمال ناصر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية .
وبتاريخ 17/4/1988 ، نفذت القوات الخاصة الإسرائيلية بالعاصمة التونسية، عملية تصفية الشهيد خليل الوزير " أبو جهاد " .
بتاريخ 22/3/2004 نفذت عملية اغتيال الشيخ أحمد ياسين.
وبتاريخ 17/4/2004 نفذت عملية اغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي.
اما في نيسان/2002 فكانت اسطورة مخيم جنين التي وثقت كابرز المعارك التي خاضها الفلسطينيون ضد قوات الاحتلال، اذ اجمع المتحدثون عن المعركة على ان اسطورة مخيم جنين شهد لها العدو قبل الصديق وباتت منهاجا يدرس في المعاهد والجامعات العسكرية العالمية، يتعلمون فيها أن ما حدث في مخيم جنين حقيقة وليس من نسج الخيال، يتعلمون كيف يصمد ثلة من الشبان المقاومين امام اعتى آلة عسكرية في العالم، فان هذه الحقيقة الكبيرة ليست من نسيج الخيال الفلسطيني.
سطر أهل المخيم مقاتلون ونساء وشيوخ وأطفال ملحمة بطولية صمودية أسطورية حقيقية اخذت تترسخ وتتكرس في الوعي والذاكرة الوطنية النضالية الفلسطينية والعربية على أنها من أهم وأبرز وأعظم الملاحم . وهكذا نقف في ختام هذه المراجعة لابرز جرائم الاحتلال التي اقترفت خلال شهر نيسان على مدى العقود الماضية، أمام مشهد فلسطيني مثخن بالجرائم والمجازر الدموية الصهيونية التي تواصلت على مدى سنوات الاحتلال دون توقف، متجاوزة كافة المواثيق والقوانين والخطوط الحمراء الدولية..ولكننا نستذكر ايضا البطولات والملاحم العربية في فلسطين .
nawafzaru@yahoo.com