viernes, septiembre 25, 2009

«مالي من دون الناس؟!» عبد اللطيف شهبون

«مالي من دون الناس؟!»


عبد اللطيف شهبون
عبد اللطيف شهبون
تابعت باهتمام وألم محاولة «الإفطار العلني في وَضَح نهار رمضاني بمدينة المحمدية»! والتي دعت إليها «الحركة البديلة من أجل الدفاع عن الحريات الفردية» المختصرة في لفظة «مالي؟..» والمحوَّرة في قولهم: «آش درت ليك إيلا مادرتش بحالك»؟! اختارت هذه الحركة «البديلة» وغير المعروفة النزول إلى الشارع للاحتجاج على
ـ تجريم القانون الجنائي المغربي للمجاهرة بالإفطار في نهار رمضان (مقتضيات المادة 222). ـ اعتقالات مست مفطرين في مدن مغربية مختلفة (ادعاء للحركة «البديلة»)
ـ اعتداءات تعرض لها مفطرون
وحسب المستفاد فأنشطة «مالي؟..» مؤطرة ضمن حقول ثلاثة، الأول خاص بالدعوة إلى «إلغاء عقوبة الإعدام، والتجول بحرية.. وتجريم التعذيب، وممارسة حياة ممتعة..»، والثاني متعلق «بحرية المعتقد والعقيدة»، أما الثالث فيدور حول «حرية "التعبير
في نازلة محاولة «الإفطار العلني» شغلت «مالي؟..» الفايس بوك والهواتف المحمولة لدعوة الموالين المحتجين إلى الحضور في الزمان والمكان المحددين.. مما استدعى حضور القوات العمومية التي طوقت وفضت تجمهرا.. كان من الممكن أن يتحول إلى مواجهة عنيفة أو فتنة عظيمة.. وتبعا لذلك تم تحريك المسطرة القضائية في حق ستة أفراد على خلفية هذا الحدث الذي أثار ردود فعل قوية، منطقية، طبيعية ومطلوبة لدى مجالس علمية وأوساط اجتماعية وأعداد هائلة من المواطنات والمواطنين.. وإلى أن تقول العدالة كلمتها في هذه النازلة الخطيرة، فإن مايتعين توضيحه هو أن حرية الضمير (Liberté de conscience) التي تتذرع بها حركة «مالي؟..» في نزهتها الاحتجاجية» والتي تتأطر ضمن الحرية المدنية للأشخاص مقيدة كما يفسر ذلك دارسو تاريخ الأفكار ـ بالقانون.. وعلاقة بهذا، فمنطوق ومفهوم الحرية يتعين أن يترجم المعنى السامي في الجوهر الإنساني.. ولا يقصر الدلالة في ماهو غريزي جنسا كان أو جوعا.. أو يبرر النزوع اللامسؤول والاندفاع اللاشعوري والمسلك اللاأخلاقي.. لأن السلوك الحر سلوك عاقل مسؤول ومتوقع للنتائج
وهذا يجر إلى الإقرار بالعلاقة المنطقية بين الحرية الإنسانية المحكومة بضوابط العقل ومقتضيات القانون والشعور بالهوية والانتماء.. وبين المسؤولية في مستوياتها: المدنية Civile (في حالة الإضرار بحقوق الجماعة..) والجنائية Penale (في حالة ارتكاب جنحة أو جريمة..) والأخلاقية (في حالة الخروج عن منظومة القيم وثوابت المجتمع..)
ماغاب عن حركة «مالي؟..» هو الشعور بالمسـؤولية Sentiment de responsabilité .. وإدراك واقع المغرب ووضع الشعب المغربي الذي هو شعب مسلم.. وقرب فضاء بمدينة المحمدية، مسرح «النزهة الاحتجاجية» لحركة «مالي؟..» توجد مدينة الدارالبيضاء التي صلى في ركن واحد فقط من أركانها المترامية الشاسعة مايزيد عن مائتي ألف متعبدة ومتعبد من المغاربة يوم ختم القرآن الكريم في ليلة من ليالي رمضان المبارك.. فكيف أعمت غريزة الدفاع عن «الحياة الممتعة» بصر وبصيرة نفر عن رؤية هذه الحقيقة الساطعة، عن رؤية هذا الحق الأسمى؟ إن السلوك العاقل ناجم عن نظر عاقل ولا يوصف بالحرية إلا بقدر تخلصه من الزيغان
لا وجود لحرية فردية كاملة.. ولا وجود لشخص حر كامل.. فالله وحده خالقنا جميعا هو الحر الكامل.. يقترح أحد ظرفاء
الوقت بمدينة البوغاز على حركة «مالي؟..» أن تسمي نفسها «مالي من دون الناس؟
!».

miércoles, septiembre 23, 2009

وليمة..! عمود عبد اللطيف شهبون



وليمة..!

من متنه القصصي المنشور «أشياء معتادة» (2002) و«المخلوقات العجيبة» (2006) قرأ علينا المبدع عبداللطيف الزكري نماذج: «قبو المدينة» و«ظهيرة على حافة سماء سوداء» و«الكيميائي».. ومن متنه القصصي المعد للطبع «جرح في الحائط» قرأ علينا نموذجا تلمسنا فيه سمات وخصوصيات..
كانت القراءة (وقد تمت في فضاء مؤسسة كوديناف للتعاون والتنمية مع شمال افريقيا التي يمثلها في طنجة

المترجم والناقد إدريس الجبروني) مهادا لمصاحبة تلقائية التقطت بعض مميزات الكتابة السردية عند عبداللطيف الزكري.. لعل أبرزها اللغة الشاعرة التي يوظفها إبداعا لدلالاته واحتفاء بجماليات البناء والتشكيل السرديين..
عبد اللطيف الزكري مبدع يزاوج بين «القصيدة والقصة» لكنه يقيم بينهما ـ في

تجربته المخصوصة ـ مسافة جمالية ونفسية مكاشفا المصغين إلى بلاغته: «إذا لم أقرإ الشعر لا أشفى..!» «الشعر يكتبني.. وأنا أكتب القصة..».
الرأي عندي أن تعليل هذا التفاوت النفسي هو الاحتكام إلى الوعي الشديد في كتابة القصة.. والانقياد الأشد إلى سلطان الشعر تقبلا وإبداعا..
لكن عبد اللطيف يوحدها في فعل الكتابة التي يعتبرها تبريرا لوجوده.. وهو وجود لا يخضع لصورة منمطة: «كتابتي (يقول عبد اللطيف) لا تسير على نمط واحد.. لأن في التنميط فشلا.. وفي التجريب المنوع حياة وتطويرا..»
كانت القراءة مهادا لاستبصار معالم كَوْن قصصي ووسيلة لتكوين انطباع عام على اللغة المتداولة في نصوص الزكري.. أقصد روح الأسلوب ثم مجال الدلالات..
تطارح الحضور أفكارا وانطباعات نأت عن الجاهزية المقيدة.. وعندما بدا لعبد اللطيف إجماع على القول بالمسحة الشاعرة للغة قصه.. كاشف المصاحبين له قائلا: «الرواية التي تعجبني هي التي يحضر فيها الشعر.. أو تكون شاعرية..» وتبريرا لانحيازه استشهد بالإنتاج الروائي للكاتب السوري حيدر حيدر، خاصة روايته «وليمة لأعشاب البحر» الحافلة بشاعرية تكثف أسلوبية تعبيرية تركب الصور والمجاز، وتؤلف بين ميكانيزمات السرد الحداثي التي تحول الإشارات إلى حقائق ووقائع وأحداث ومواقف..
ذكرني استشهاد عبد اللطيف بما اعتلق في ذهني حول ذلك النص الجميل الذي يعتبر إطارا مرجعيا لرواية «مرايا النار» لنفس الروائي.. في موضوعة محنة معارضي النظام البعثي في العراق..
في «وليمة لأعشاب البحر» يفر المعارض «مهدي علام» من جحيم ملاحقات النظام البعثي ليجد نفسه في أتون جحيم الأوليغارشة العسكرية الجزائرية التي حولت ثورة الشعب الجزائري على المستعمر الفرنسي ثورة المليون شهيد إلى صفقة في يد عسكر قادوا انقلابا بزعامة الرئيس الراحل هواري بومدين.. مما دفع بـ«مهدي علام» إلى وضع حد لحياته.. فانتحر وتحول إلى وليمة لأعشاب البحر!؟

martes, septiembre 15, 2009

محمد الكلاف البحث عن رؤيا ذاتية في ديوان…” كما لو رآني… للشاعر والصحفي : الأستاذ عبد اللطيف شهبون


عندما أراه أرى الحقيقة، وحين لا أراه تضيع مني فرصة الاستمتاع بجمال اللحظة الأدبية والفكرية… بل الإنسانية في شموليتها

إنه الشاعر والصحفي : عبد اللطيف شهبون ، القادم من عبق ترانيم كل السيمفونيات الوجودية ،التي راكم وتراكمت عبرها كل أبعاده الفلسفية ، الأدبية ، الحقوقية والإنسانية ، ليشيد عالمه المتفرد بنفسه الصوفي ، بحثا عن الحقيقة المنفلثة ، حقيقة الوجود في الذات…
” وطن أنت …
رج عرشي إني
قد وهبت مدائني للمرجي
هذه ليلتي
وحلم مماتي
إن موتي لهو عين حياتي…
الموت، الحضور والغياب…البحث عن الأنا …عن الآخر من حيث هو أنا، هو وعي وإدراك، كل ذلك لا يتأتى إلا للفنان المبدع، لأن الإبداع وحده القادر على كشف هذه الحقائق، وإضاءة كينونة الإنسان، وتمديد وجوده…
قراءتي للديوان لن تكون قراءة مجهرية ، بقدر ما ستكون بمثابة لحظة تأمل ومحاورة ، لاستنطاق القصائد …بل لاستخلاص اللذة القرائية ، وارتشاف الرحيق اللغوي والأدبي من القصائد …أخضع لسلطة النصوص ، دون أن أفرض عليها سلطتي ، حتى أتمكن من مد علاقة حميمية بيني وبينها ، وبالتالي اكتشاف ممكناتها الجمالية…ومن خلالها كشف الحجاب عن الإشعاع الجميل لهذا الإنسان الأجمل والأبهى، بين ثنايا ما جاء في قوله :-
” في رحلة بلا عبور
أكون فيها لا أكون
أرى الحياة جوهرا من الفنون
أو موكبا نحو الجنون …”.
ديوان : ” كما لو رآني…” ، صادر عن مطبعة ( سليكي إخوان – بطنجة – المغرب )في طبعته الأولى 2007 ، طبعة أنيقة من الحجم المتوسط ، تحتضن 34 قصيدة ، بين قصيرة ومتوسطة وقصيرة جدا ، موزعة على 50صفحة ، بما فيها الإهداء والفهرس …
يحوي الديوان في مضمونه عدة تيمات ، ومنها :- : العشق والألم والوجع ، ثم الموت والانسحاق والانكسار ، وفي ذلك يستشهد بمقولة ( أبي الحسن السشتري : ” سكرت جوى وبحت بشرح حالي …وقلت نعم عشقت فلا أبالي …” )، وذلك في مطلع قصيدة : ” شمس قلبي “… فالعشيقة تربعت على سويداء القلب الذي أضناه الحب من فرط العشق ، وحين ناول العشيقة بعضا منه ، لم تقبل بالبعض فأخذت الكل ( القلب كله) …فالعشق حاضر في جل القصائد بنفس المصطلح أو بمرادفاته…حيث يقول في نفس القصيدة : ” شمس قلبي ” .
نأيت عني
فمن لي ؟
ياشمس قلبي وظلي
سكنت مني السويدا
ياأكثري ..
ياأقلي ..
فنيت عشقا
لكني
أعب من خمر دني
يانبض روحي :
ياسؤلي
أنلتك البعض مني
وقد ذهبت بكلي … ص:- 14
عشق يجعله يتوه من فرط الاكتواء والاحتراق في الذكريات الوجدانية، يحلق في سفر أبدي وأدبي عبر آفاق الذكريات التي تلامس الجوارح، ونلامس ذلك في قصيدة: ” سفري ” .
ترف خيالات ذكراك حولي ..
تلامس عيني ،
وتلفح ظلي بنار
أجدل منها ضياعي ص :- 6
الضياع الذي يدفع به إلى ركوب صهوة الخيال الإبداعي لتجاوز الحيرة المفتعلة بداخله ، الحيرة العقلية حول كينونة ومنبع وجوده ، بل سبب وجوده ، ولذلك فهو يستعطف الآخر كي يدله على الحقيقة …
قل بربي…ا
الشاعر يتجاوز حيرته الوجودية باعتماد الخيال الإبداعي الخلاق ، الذي تطفح به قصائد الديوان ، ويتضح ذلك جليا في قصيدة :” سفري ” ، حيث يتجلى الركوب المجنح في الكلمة الأولى : ( ترف ) ، والتي تمنحه فرصة التحليق عبر آفاق الكون اللامتناهي فنيا وأدبيا ، من الشمال إلى الجنوب … والعكس…
ترف خيالات ذكراك حولي
تلامس عيني ،
وتلفح ظلي
أجدل منها ضياعي
أجوب بها طرق الشمال …
وأخرى جنوبا …
بأقصى الجنوب
قباب زهت بالفرح
في بحر الوله
وسواحل ذاتي / السفر … ص: - 6
سفر في الذكريات الوجدانية التي تلامس الجوارح، خاصة العين التي تعشق قبل القلب أحيانا، وما يترتب عن هذا العشق من اكتواء واحتراق…
سفر في الحنين … حنين للمكان والزمان ، عبر المنبع والجذور المتأصلة والراسخة في بعده الوجودي والوجداني ، ونقرأ في قصيدة :” أي الدواء”.

أي هوى
يحتاج آنيتي ..؟
وأي قول عصي غاله
حزني …
يامنية الروح …
……………………..

وكان السعد مملكتي
في البدء كنت …
وكان الحب ملحمتي …
ومثلما يتلظى بالنار عاشقها
ما زلت ملهبتي
ما زلت ملهمتي … ص:- 19- 20
سفر وتطواف ، منبعه الحب المتأصل للمكان ، فالحب للمكان مضني : شفشاون- تطوان – طنجة … أمكنة التكوين الراسخة في كينونة الإنسان المبدع …
شفشاون – المهد
تطوان – الصبا
طنجة – الامتداد
والحب للإنسان مفني ، فحين يتغنى بمدينته ، فهو يمزج بين المدينة والحبيبة مزجا مقصودا ، بين طياته الحلم والرجاء المتولدين عن حالة العشق والوجع … العشق بمستوييه :- الصريح والعفيف ، مهما كان مضنيا أومفنيا …عشق صوفي جواني ، يتجلى في الترميز اللفظي ، في قصيدة :” أي شيء عنك ينسي ..؟” .

نورت دنياك نفسي
أي شيء عنك ينسي ..؟
في حياتي …في شتاتي …
أو مماتي..؟

حار لبي …
عشق وشوق واحتراق وحيرة وتيه ، بحثا عن الحقيقة حتى وإن لم تكن المطلقة …حقيقة الوجود ، وربما الوجدان ، لذلك فهو يتوسل لمعرفة هذه الحقيقة ، حين يستعطف الآخر …
أين حرفي ..؟
أين ظلي..؟
قل بربي ..ا ص:- 7
الغزل الصوفي الذي يتعاطاه بإحساسه الداخلي ، بحثا عن المتحول الواقي من الثابت …الغزل الذي يمنحه قدرة تحويل الكلام الشفوي الشفيف ، إلى كلام مكتوب ، مبرزا انتماءه إلى فصيلة المحدثين الراسخين في علم الكلام بكل جمالياته ودلالاته التعبيرية …
ففي قصيدة:” أليفين كنا ” ، يتلمس من خلالها نور وصفاء المعشوقة التي اكتوى القلب بنار هواها … وتبقى نار البعد موحشة وحارقة …
أفزعتني المسافة ، فاتقدت وحشتي للمزار
حدثيني فإن المسافة ترهقني …
أرى نور وجهك…أرى لون ثوبك
…………………………………….
أنحل فيك …
وأضرم ذاتي زنابق نار ..
أفيء إليك
…………………………………..
أليفين كنا…
أليفين نبقى…
كما الماء إذ يحتمي بالصخور… ص:- 8
من خلال قراءتك لقصائد الديوان ، يتعذر عليك التمييز بين الذات العاشقة ، والكلمات الأكثر عشقا ، الصادرة عن تلك الذات ، خاصة لما تصل بك إلى حالة النضج ، أو قل إلى حالة بلوغ اللذة القرائية ، فتتوحد معها ، تسكنك وتسكنها ، فتهيم وتصبح ترى من خلال الكلمات الشعرية ما رأى ، فتماريه على ما يرى …
أرى نور وجهك…أرى لون ثوبك
أرى صفوك الآن يجري بنهر هواي..
يحن إلي حنين الطيور إلى عشها في القفار …
………………………………………………..
وفي الليل أرقب نبضك …
أنحل فيك .. ص:- 8
وهذا ما يجعله يتيه ويتوهك معه من فرط الاكتواء والاحتراق في بحار العشق إلى حد الوله ، في سفر أبدي وأدبي لاستجلاء جوانية القصائد الصوفية ، المشبعة بالترميز والتصوير الجمالي لعشقه الإنساني النبيل …في مكاشفة لقلبه المتيم الواهن …

وحين أسافر في غربتي أظل معك

عدمت لقاك
عبيرك في نسغ ذاتي تضوع ،
وعشق تروع…
……………………………………

يلاحقني من زوايا صداه
في توهج عشقي …في جذبتي…في حلولي معك
في ارتقائي إلى سدرة عرفت منتهاك .
من قصيدة:” مكاشفات قلب واهن ” ص:- 47- 48
فالشاعر له حس فني إبداعي جمالي، يتمتع برقة ورهافة البوح المتلألئ بدفق الكلمات العاشقة المتناغمة، المنتقاة بدقة وعناية…فهو من خلالها يعيش ألف عمر وألف حياة لحظة الانفعال ، ليكتب بصدق ما يخالج مكامنه وأخيلته ، فينزاح من عالم الواقع ، إلى عالم لا يعترف بالحدود الزمانية ولا المكانية ، عالم كله رومانسية وتجريد …
وماذا تفعل الشجرة
في مرمى الكون
منفردة..؟
……………………..
تعانق كل أرياح
تصافحها..؟
سيان عندها مطر صديق ..
أو خصيم الكل ..
سيان عندها الأنوار والعتمة
وقد تسعى إلى آفاق
وكل غصونها تعرى ..ا.
من قصيدة ” شجرة”ص:- 29
ديوان : ” كما لو رآني ” ، رغم سلاسته ، فهو لا يخلو من بعض المصطلحات المعجمية الصعبة ، التي أقحمها الشاعر مع سبق إصرار ، ليس لاستصعاب القصائد ، بقدر ما أريد بها تجميلها ، وإغناء معجم المتلقي بها ، إغناء يخرجه من روتينية الشعر التقليدي ، واللغة الفقيرة ،… وبذلك فهو ( الديوان) يمتاز بجودة اللغة وحسن السبك، وحرارة العواطف، انطلاقا من النفس التي ألهبها حنين الذكرى ولوعة الضياع…
نصوص الديوان نصوص دينامية تفجر الفكر والإبداع ، وتحقق الحلم ، بانفتاحها وتفتحها على الرومانسية التي تحتمي بالخيال ، أمام وطأة الواقع …ومهما كانت قصيرة، فلها رؤية دلالية واخزة، تعتمد الإيجاز والكثافة، مما منحها التفرد والتميز…
” كما لو رآني”، ديوان يبرز وجه الشاعر وتكامل شخصيته …شاعر يتمتع بحس فني أدبي رفيع ، حيث يرسم بالكلمات أجمل اللوحات الشعرية الرقيقة ، بنفس شعري طويل وممتد امتداد الذاكرة الإنسانية ، الوجدانية والوجودية …إنسانية الشاعر : عبد اللطيف شهبون
1- تطوان : 2- في البدء كنت … 1- إيه ظلي 2- لهف قلبي… 1- أعيش …أسير معك 2- أرى …لا أراك 5- في ساحة الفنا … أحس لو أن الفناء

محمد الكلاف
( ناقد وقاص )
طنجة — المغرب

أحزان الخريف.. عبد اللطيف شهبون

في زماننا الفلُوت تطفو فوق ذاكرتنا جماليات أُلَفٍ عشناها في محيطنا الأسري أو العاطفي أو الاجتماعي سرعان ما انفرطت منا أو انفرطنا منها.. في كل لحظة وحين ينفذ القضاء.. يزف الرحيل.. الموت حقيقة أو حكم كلي قاهر، علينا أن نمضي واحدا تلو واحد..

عبد اللطيف شهبون
عبد اللطيف شهبون
أحزان الخريف..

1 ـ في زماننا الفلُوت تطفو فوق ذاكرتنا جماليات أُلَفٍ عشناها في محيطنا الأسري أو العاطفي أو الاجتماعي سرعان ما انفرطت منا أو انفرطنا منها.. في كل لحظة وحين ينفذ القضاء.. يزف الرحيل.. الموت حقيقة أو حكم كلي قاهر، علينا أن نمضي واحدا تلو واحد..
2 ـ عشت جماليات ألفتي الأولى في محيط أسرتي مع المرحوم والدي.. مدرستي في الحياة.. ونبراسي في السلوك المدني.. وعشت جماليات ألفة رومانسية انتهت بموتي المعنوي.. وعشت جماليات ألفة مع أصدقاء.. من بينها ألفة مفعمة باللطف مع المرحوم الحاج محمد العربي الخنوس وألفة مع المرحوم أنور المريبطو، ذاك الصديق الجميل الذي عشت بهجة التعرف إليه في فضاءات طفولتنا ويفاعتنا بالفدان، وزنقة القائد أحمد والاترنكات وملعب إنخينيوريس ومرتيل وثانوية القاضي عياض.. أبطال ألفتي كانوا شهود حضور.. لكنهم صاروا شهود غياب..! :
..إلى روح والدي في الذكرى السادسة لرحيله هذا الترجيع:

«العين مصحف القلب»
الإمام علي بن أبي طالب

كان آيهْ
ورحاباً
في مقامات الولايهْ
وطريقاًَ
حَفّهُ نور العنايهْ
كان آيهْ..
كان شاعرْ
يتغنّى بالمشاعرْ
آهِ يا ذكْرى أبي..!
.. وإلى روح عزيزي الحاج محمد العربي الخنّوس في الذكرى الأولى لرحيله هذا البوْح:
أحزنت قلبي يا صديقْ
بذا الغيابْ..
لم يَصْحُ منا يا رفيقْ
سكْرُ المصابْ..
وارَاك عنَّا يا شقيقْ
قَفْرُ التّرابْ..
يا سيد الأوقات في المساءْ:
مازلنا في انتظار ساعة اللقاءْ
إدريسُ*..
مصطفى**..
أنا..
أوراقناَ سنَا.
البيتُ لفَّه الضبابْ
والعينُ أبصرتْ سرابْ
تضاءل الزمان في المكانْ
أضحى الأوانْ
وسادة الأحزانْ..
حكاية قديمهْ،
كشافةً ذاك النقابْ
أحزنت قلبي يا صديقْ
بذا الغيابْ.
.. وإلى روح العزيز أنور المريبطو بعد سفرته الفاجعة هذا الوداع:
لك الوداعُ
ولكنْ..
لا وداعَ لما
يعيش في خلدي
يا أنورَ الأثرِ
لك الوداعُ
ولكنْ..
لا وداعَ لما
أحْيَا وأنعشَ قلبي
طيلة العمرِ..
يا أبطال ألفتي: أنا لاأودعكم لأني لا أفارقكم..

دبَيّ في 19 أكتوبر 2008

• ـ إدريس الجبروني
• ** ـ مصطفى شنتح