jueves, mayo 21, 2009

الترجمة من وإلى الأدب الإسباني تفتح باب الحوار بين ثقافتين لهما إرث مشترك وتاريخ زاخر


Omar Bouhachi, Pablo Llorente y Driss Jebrouniعمر بوحاشي و بابلو يورينطي و ادريس الجبروني


حوار: محمد العربي غجو



الترجمة من وإلى الأدب الإسباني تفتح باب الحوار


بين ثقافتين لهما إرث مشترك وتاريخ زاخر





مع الأستاذ عمر بوحاشي مترجم الرواية الإسبانية «ماريانيلا» للكاتب الإسباني «بينيطو بيريث غالدوس»

في سياق الديناميكية المتنامية لحركية الترجمة من الأدب الإسباني إلى اللغة العربية وضمن آخر منشوراتها الأدبية

صدر عن دار النشر ليتوغراف بمدينة طنجة الترجمة الكاملة لرواية «ماريانيلا» العمل المتميز للكاتب والروائي الاسباني (بينيطو بيريث غالدوس) بقلم الأستاذ المترجم عمر بوحاشي وهوأحد الأساتذة المهتمين والشغوفين بالانفتاح على العوالم الأدبية للرواية الاسبانية.
ورغم أن «ماريانيلا» تكاد تكون أول عمل يقترحه المترجم على القارئ العربي فإنها (أي الترجمة ) أتت متسمة بلغة عربية سلسة تنم عن قدرة واضحة على استكناه جوهر التعبير الأدبي في مختلف منعرجاته و نتوءاته. لغة بقدرما نجت من مطبات الفعل الترجمي - بما يخلفه في العادة من كدمات ورضوض على جسد الكثيرمن النصوص- بقدرما ارتقت في الكثير من اللحظات إلى معانقة الكثافة الشعرية التي تميز فصول الرواية.
الأستاذ عمر بوحاشي يبسط في هذا الحوار المقتضب لحظات معايشته ل»ماريانيلا» غالدوس ويبرز حيثيات اختياره لهذا العمل والصعوبات التي تخللت فعل الترجمة.
***********
كيف أتت فكرة ترجمة هذا العمل تحديدا هل هي الصدفة أم المعرفة المسبقة بالكاتب وبموقعه الأدبي في الساحة الأدبية الاسبانية؟
في الواقع إن اهتمامي بالترجمة يعود إلى بداية الثمانينيات حيث كنت قد قمت بترجمة بعض النصوص الإبداعية من الإسبانية إلى العربية ، بعضها نشر في بعض الصحف وبعضها لم ينشر.
أما فيما يخص « ماريانيلا « فقد كنت أعرف كاتبها غالدوس ، ولكن معرفتي به كانت سطحية نوعا ما ، بمعنى أنني لم أكن قد قرأت له من قبل ، بل قرأت عنه في بعض المجلات الأدبية الإسبانية . وأول عمل قرأته لهذا الكاتب هو « ماريانيلا « ، وكان ذلك عن طريق الصدفة . ففي صيف سنة 2005 كنت أقضي بعض أيام عطلة الصيف بإحدى المدن الساحلية بجنوب اسبانيا ، وكنت خلال تلك الأيام قد تعودت كل صباح بعد تناول وجبة الفطورأن أمر على كشك أبتاع منه بعض الجرائد ثم أجلس على رصيف مقهى أحتسي فنجان القهوة وأتصفحها . وذات يوم مررت أمام إحدى المكتبات فلفت نظري على الواجهة الزجاجية رواية « ماريانيلا « لغالدوس . وبما أنني كنت قد قرأت عن هذا الكاتب كما ذكرت آنفا ، ولكنني لم أقرأ له ، وجدت الفرصة سانحة لأقرأ له هذه المرة ، وهكذا دخلت المكتبة واشتريت الرواية ثم قرأتها . أعجبتني ، في الحقيقة استمتعت بقراءتها . أعدت قراءتها بعد أن عدت من العطلة ثم تركتها ونسيتها.
بعد مرور ثلاث سنوات على قراءتي لهذه الرواية ، تذكرتها في الصيف الماضي ، أخرجتها من جديد وتساءلت مع نفسي لماذا لا أشرك معي القارئ العربي في التمتع بهذه الرواية والتعرف على صاحبها ؟ . وهكذا شرعت في ترجمتها.
< ما هي الصعوبات التي واجهتك في الترجمة؟ > إن الترجمة كأي عمل آخر لها صعوبتها ، لكن هذه الصعوبة يمكن تذليلها بشيء من الصبر والبحث والتنقيب . أما فيما يخص ترجمة غالدوس فهو كلاسيكي حديث من الكتاب الكلاسكيين الإسبان الذين يتميزون برصانة أسلوبهم ويتسمون بالغموض في بعض الأحيان . لكن الصعوبة التي اعترضتني خلال ترجمة « ماريانيلا « لم يكن مصدرها غموض الأسلوب ، بل كانت تكمن في ترجمة بعض المصطلحات الطبية والتقنية .
< هل المترجم هو مجرد وسيط أم مبدع ثان للعمل الأدبي؟ > الترجمة عمل شاق وممتع ، شاق لما يعترضك من صعوبات تقتضي منك بعض الجهد للتغلب عليها ، وممتع لأنك تنقل عملا من لغته الأصلية إلى لغة أخرى تبدع فيها وتضفي عليه من خصوصيات هذه اللغة ومن خصوصيات أسلوبك ما يجعل الترجمة توأم الإبداع كما يقول «أكتابيو باث Octavio Paz « .
< ماذا تعني لك الترجمة من وإلى الادب الإسباني؟ > الترجمة في الحقيقة هي تفاعل بين الثقافات أو حوار حضارات كما يعرفها شوقي جلال حين يقول: « الترجمة حوار حضارات وأريد بكلمة الحوار أن أتجاوز كلمة النقل الشائعة كمرادف للترجمة « . [ الترجمة في العالم العربي : الواقع والتحدي شوقي جلال ]. فالترجمة بهذا المفهوم من وإلى الأدب الإسباني مفيدة لأنها تفتح باب الحوار بين ثقافتين لهما إرث مشترك وتاريخ زاخر بكثير من نقط الالتقاء وتجاور جغرافي مما يجعل شعوبهما تنفتح على بعضها وتتعارف أكثر، وبالتالي تستطيع أن تتعايش في جو يطبعه السلم والتسامح.
< هل من مشاريع ترجمية أخرى تنتظر النور؟ > إنني حاليا أشتغل على ترجمة عمل من أعمال غالدوس من سلسلة رواياته المعروفة بالوقائع الوطنية وهي سلسلة من الروايات التاريخية التي يسرد فيها
الكاتب تاريخ اسبانيا خلال القرن التاسع عشر.
كما تنتظرني بعض الأعمال لكتاب معاصرين سوف أتفرغ لها فور انتهائي من عمل غالدوس.

حوار: محمد العربي غجو