viernes, octubre 03, 2008

عبد اللطيف شهبون...... شفاء الغليل..

شفاء الغليل..

في يوم 2 أبريل 2007 يوم 2 أبريل 2007 أهداني الصديق العزيز الدكتور عبد الجليل بادُّو كتابه «السفلية والإصلاح»، وكتب في نص الإهداء: «.. وأنا أستحضر النزعة الصوفية للصديق عبد اللطيف شهبون مع شغفه بالعقلانية.. أتمنى أن يجد في هذا الكتاب شفاء الغليل..»
خلافا للعديد من الكتابات حول التاريخ الفكري بالمغرب والتي يطالعها الناس دون طائل.. أو دون أن يتمكنوا من استنباط خلاصات محددة.. أو لعلهم يستطيعون تحقيق ذلك بعسر يفوق الحصول على حليب عصفور كما يقال!
يقدم كتاب «السلفية والإصلاح» للدكتور عبد الجليل مقاربة مؤلِّفة بين مقولات منهجين، تاريخي راصد للمؤثرات.. وبنيوي ضابط للمكونات.. بأسلوب تناظر فلسفي يجعلك تقرأ كأنك تسمع.
في الحال والمقام لاتفرق بين عبد الجليل كاتبا أو متحدثا (الأسلوب هو الرجل).
يدرس عبد الجليل الخطاب السلفي الإصلاحي بالمغرب في ظرفياته وملابساته الموضوعية.. في مفاهيمه وعلائقه الفكرية.. في تجلياته وتشعباته النسقية فيلاحظ كيف أن الشاطبي ـ وهو عصريّ ابن تيمية ـ تميز عنه فكرا واجتهادا مما جعل سلفيته قائمة الذات معرفة ومنهجا.. تنظر إلى الفروع من خلال الأصول.. وتستقرئ الكليات الشرعية والعقلية المعتبرة أصولا لبناء معرفة المقاصد.. وهي موسومة بالجدة لارتكازها على العقل.. ولتجذرها في منابت الكلاميين والفلاسفة وعلى رأسهم ابن رشد.. ومن هذا المعين نهل سلفيو المغرب ومصلحوه من أمثال الناصري والسملالي والدكالي والعلوي والسوسي والفاسي..
درس عبد بالجليل الخطاب السلفي الإصلاحي بالمغرب من حيث مفاهيمه وعلائقه وتجلياته في قضايا الإصلاح العام والاجتهاد والتحديث بانسجام تام مع خلاصات أطروحته الأولى المتمحورة على معاينة وتفكيك «الأثر الشاطبي في الفكر السلفي بالمغرب» منتهيا إلى خلاصات
أولها: ترسيخ الشاطبية لمشروع معرفي ومنهجي عقلاني في البيئة الإسلامية ،إسهاما منها في تطوير التراث الفقهي الأصولي بما يلائم قضايا العصر وتطورات الأوضاع وبالاعتماد على مبادئ العقل وتوظيف الاستدلال والاستنباط بدل التأويل والظن.
ثانيها: الحضور القوي للشاطبية في الفكر السلفي الإصلاحي بالمغرب.
ثالثها: اتسام السلفية الإصلاحية بالمغرب بـ:
أ ـ الوفاء لمفهوم النص واعتماد القياس كما أقره الأصوليون.
ب ـ التركيز على المنهج بدل المذهب.
ج ـ تبني قيم ومبادئ التجديد والتحديث.
د ـ الدعوة إلى التغيير دون إقصاء التراث.
هـ ـ المساهمة في تأصيل قيم المجتمع المدني بالمغرب.
وقفت طويلا عند الفصل الذي تحدث فيه عبد الجليل عن اللقاء الفريد بين السلفية والتصوف متخذا من العالم محمد المختار السوسي علامة مضيئة لهذا الالتقاء.. منتقيا عبارة بالغة الدلالة، قوية الإشارة لانتماء عالم سوس والمغرب إلى السلسلة الذهبية للتصوف، وردت العبارة في كتابه «منية المتطلعين إلى من في الزاوية الإلغية من الفقراء المنقطعين».
يقول السوسي: «إنما أنا محب للقوم.. وأرجو بهذه المحبة أن أحشر معهم.. والمرء مع من أحب..». هي إذن محبة ربانية يتعلل بها بكل شيء.. ولا يتسلى عنها بشيء..
في هذا المقام كان في كتاب الصديق بادو شفاء الغليل
.