viernes, octubre 09, 2009

حوار مع الدكتور محمد النشناش: عبد اللطيف شهبون

حوار مع الدكتور محمد النشناش


Dr. Mohamed Neschnach y A. Chahboun

لا يمكن بناء بناء المستقبل دون قراءة واعية للماضي
ـ التحكم في الماضي يساعد على التحكم في الحاضر والمستقبل
ـ إلغاء الذاكرة سلب للهوية.. مستقـ لا يمكن بناء المستقبل دون قراءة واعية للماضي

عبد اللطيف شهبون: يستقطب موضوع الذاكرة اهتماما واسعا من طرف الباحثين والحقوقيين والسياسيين. ويتجلى ذلك في المناظرات واللقاءات والسجالات كما يظهر في العديد من الدراسات والأبحاث.. وأنشطة جماعات فكرية ضاغطة.. في هذا الحوار ارتأينا أن نسقط بعض الضوء على هذا الموضوع مع الدكتور محمد النشناش اعتبارا لخبرته ومسؤولياته الوطنية والدولية في هذا المجال..
في الآونة الأخيرة برز في المغرب اهتمام متزايد بموضوع «الذاكرة».. ماقيمة هذا الاهتمام في علاقته بالمستقبل؟


موضوع الذاكرة هو موضوع التاريخ.. وقد أدرك العلامة ابن خلدون بنظره الثاقب أن درس التاريخ هو أخذ العبر أو الاستعبار... لذا فبدون قراءة مشتركة للماضي ـ ولو جزئيا ـ لا يمكن بناء مستقبل لأن فهم الماضي له نفس الأهمية مثل الخلافات حول المستقبل،والتحكم في الماضي يساعدنا على التحكم في الحاضر والمستقبل.
والملاحظ بالاستقرار أن الأنظمة الاستبدادية ظلت تعمل على إلغاء الماضي، فكونت آليات عملت على خلق ثقب لتبخر الأحداث.. لهذا فمن الواحب على الديموقراطيين المحافظة على الذاكرة ونقلها للأجيال القادمة، لأنه كلما ألغينا ذاكرة الإنسان سلبنا هويته.
كنت عضوا في هيأة الإنصاف والمصالحة التي انكبت على معالجة ملف ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.. وقد تمكنت من الكشف عن حقائق ذات صلة بالذاكرة.. لكن مازالت ملفات عالقة لم تعرف تسوية مما اعتبرته أسر ومنظمات حقوقية محو وطمس لذاكرة حية..
لا يمكن محو ذاكرة أسر المختفين قسرا وضحايا الاعتقال التعسفي و«التعذيب».
لقد مكنتني تجربتي في هيئة الإنصاف والمصالحة من التعرف عن قرب على حقائق جعلتني أومن بضرورة الاهتمام بالماضي وأحداثه للمحافظة على كرامة الأجيال المقبلة، وهذه الذاكرة جماعية ومشتركة وتساهم في الانسجام المجتمعي.
باعتباركم أحد المؤسسين لمركز الذاكرة والمستقبل .. ما الفائدة من مناقشة موضوع الذاكرة المشتركة بين المغرب وإسبانيا؟
إن الرجوع إلى مناقشة الذاكرة المشتركة الإسبانية المغربية لا تهدف إلى تقليب المواجع أو إثارة الأحقاد والضغائن، بل تصبو إلى الاستعبار لبناء مستقبل خال من أنماط التشويش وتعكير أجواء التعايش والعمران.. والنظر إلى المستقبل بعد تسوية تراكمات الماضي.. للشروع في تأسيس لبنات التنمية الإنسانية بين الضفتين. إن فتحنا لنوافد وأبواب الماضي، سينقلنا حتما إلى تسجيل عدد من الأحداث التي عرفت تضامن فئات اجتماعية مشتركة، وأحداثا سجلت تعارضا واختلافا بين مواقف هذه الفئات بحكم تواجدها الجغرافي أو المصلحي..
ماهي القضايا التي تستحق أن تكون موضوعا للبحث في الذاكرة؟
الموضوعات لا حصر لها يمكن التمثيل بـ:
دخول العرب إلى الأندلس: سلوك الحكام وعلاقتهم مع السكان الأصليين.. حروب الاسترداد.. محاكم التفتيش.. احتلال سبتة ومليلية والجزر الجعفرية.. حرب 1860 احتلال تطوان ومخلفاتها.. مؤتمر الجزيرة الخضراء 1906.. احتلال الريف واستغلال ثرواته.. حرب التحرير بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي.. معاملة أسرى الحرب.. أنوال ومخلفاتها.. استعمال أسلحة الدمار بالريف.. موقف الأحزاب والنقابات الوطنية من حركة محمد بن عبد الكريم الخطابي.. مشاركة الأجانب في المقاومة المسلحة.. دور المرأة الريفية في معارك التحرير بالشمال.. العلاقات بين محمد بن عبد الكريم الخطابي والسلطة المغربية.. دور اليهود في دعم الثورة الريفية (مجموعة طنجة).. الحرب الأهلية الإسبانية ومشاركة المغاربة.. النضال من أجل استقلال المغرب بعد نفي محمد الخامس.. معتقل دار بريشة.. الانتفاضات الشعبية في شمال المغرب: 1958 ـ 1959 و1984.. المحاولتان الانقلابيتان (1971 ـ 1972) وأثرهما على الوضع في المنطقة.. تهميش الشمال من طرف الحكومات المتعاقبة.. هيأة الإنصاف والمصالحة وشمال المغرب.. جلسات الاستماع العمومية والخاصة..
إن كل نقطة تحتاج إلى حلقة أو حلقات دراسية يباشرها ذوو الاختصاص.. وفي هذا الإطار لابد من إنشاء بنك للمعلومات والمستندات والمنشورات.. والاتصال المثقفين والمؤرخين والمدافعين عن حقوق الإنسان الإسبان والمغاربة من أجل التحاور حول القضايا المشتركة وإبداء الحقائق التاريخية للحفاظ على الذاكرة التي تهم البلدين.. وتسهيل تبادل الوثائق والمعلومات.. وتوفير البحوث حول أحداث معينة وإنشاء مجموعات عمل.. وإقامة لقاءآت وندوات بين ضفتي المتوسط.. وتنظيم اتصالات مع المسؤولين الحكوميين.. وطبع نشرات حول الأنشطة المنظمة، والضغط على الحكومة المغربية والإسبانية من أجل العناية بالتراث المعماري ذي الصلة بالذاكرة (مركز قيادة الثورة ونقط المعارك الشهيرة كأنوال وظهر أبران).. والإسراع بالاستماع إلى شهادات الأحياء الذين عايشوا أو كانوا ضحايا للأحداث وجمع الأغاني والأهازيج الشعبية ذات العلاقة بالذاكرة.
طبعا الإعلام له دور
الإعلام له دور كبير.. الصحف المغربية قدمت ملفات على جانب من الأهمية في هذا الموضوع وأعتقد أن جريدة «الشمال» اهتمت ذاكرة الشمال اهتماما استثنائيا على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وهي بالتالي
مرجع لا محيد عنه للدارسين والباحثين.