miércoles, agosto 05, 2009

مقامات شفشاونية.. عبد اللطيف شهبون

مقامات شفشاونية..

عبد اللطيف شهبون

عبد اللطيف شهبون
عبد اللطيف شهبون
«إلى العزيز محمد حقون»
1 ـ بدعوة من جمعية أصدقاء المعتمد توجهت إلى شفشاون صباح الأحد 19 يوليوز الجاري للمشاركة في المهرجان الوطني للشعر المغربي الحديث في دورته الرابعة والعشرين في محور: «القصيدة المغربية: صعوبات ممكنة..»
2 ـ كلما وطئت قدماي أرض شفشاون أزور قبر شقيقي محمد. اندرست معالم القبر الآن رغم وجوده في مدخل مقبرة مولاي علي بن راشد جنب صفصافتين!. توفي شقيقي محمد قبل ميلادي بما يزيد عن اثنتي عشرة سنة. صورته الوحيدة التي احتفظت بها والدتي تثبت شبها تاما بينه وبين شقيقتي آسية. خلّف رحيله المبكر بعد حفظه كتاب الله حزنا خرافيا لدى والدتي ووالدي الذي كتب في مذكراته عن فاجعة فقده.
3 ـ من مقبرة مولاي علي بن راشد أسلك طريقا واحدا ينتهي بدورة شبه كاملة على المدينة، منطلقها باب السوق.. تستحضر ذاكرتي وجوها أغلبها رحل إلى دار البقاء.. ابن ميمون، اغبالو ـ الدنكير ـ البردعي ـ ابن دكون.
أتوقف بدكان حلاقة الطيب بوذياب (وباسم طيب.. طاب المسمى..)، قبل أن أنزل على أدراج زقاق في عمقه منزل ابتناه والدي في بداية أربعينيات القرن الماضي.. ثم أحث الخطو نحو درب المريني كي أزور جدتي خدوج الذهبي، امرأة في عداد الوليّات.. وفي لحظات أزور خاليَّ الحسن وعبد الكريم المريني.. ثم أقصد عم والدي عبد القادر شهبون (كان رحمه الله جميل الخلقة، عظيم الوقار، حريصا على التعلق بجناب الله حتى اشتهر عند أهالي شفشاون بـ«السيد شهبون».. أنزل إلى «وْطَا حَمّامْ»، أسلم على عمي أحمد (كان يدير متجر جدي الحسن شهبون بتكليف من والدي..).. أتابع النزول إلى «باب العين» لأتوقف بعض الوقت بمنزل خالتي فاطمة المريني.. كان ذلك ديدني وعمري لا يتجاوز عقده الأول.
4 ـ في فضاء القصبة الأثرية قرأت بعضا مما كتبته من أشعاري، فأحسست أنّي بين يديْ حلم.
5 ـ فجر اليوم الموالي توهمت أني سامع خطابا يقول لي: ها أنا أهديك ترابك ونوستالجيتك وصمتك.. ورائحتك.. وكل ماتعشقه ريحك.. فابحث عني في مغارتي المهيبة..!
استفقت مروعا.. فكتبت: «جسد الروح..»
جئتها نُسْغَ هويّهْ
حاملاً شِعّري مرايا
لأغني معها جسد الروح سويّهْ
عندما حل المساءْ
اِنْطفَا نجم البهاءْ
والتَّعِلَّاتُ التي أغلقت بابها دوني
قضيَّهْ!
هاأنا أجتر وحدي
غُصَصَ الليل بنفس شجيهْ

* * * صاح ديكْ:
هل وصلنا لحياة الموتِ
أم موت الحياهْ؟

* * * لست ماءاً سائحا بين الصخورْ..
لَستِ غصنا أحمرَ
يهتز لريحْ..
لستِ صوتا عاليا،
يخرق الجرم السماوي..
أنت روحي
بل جناحُ الطير
مااسْطاعَ النزولْ
أنت ذكراي التي
نامت بصَخْرٍ..
آه.. لو أَنيَ صخرٌ!
أنتِ ظلي
في ورود قد حواها شجرُ الدِّفْلَى
فصارت عُشَّ سِرّي
في خلود الصمت يفنى..!
ثم يفنيني معه
6 ـ على مائدة الإفطار بالفندق قال لي الصديق محمد المسعودي: كتبت الليلة نصا عنونته بـ«هواء الروح» قلت له: وقع الحافر على الحافر إِذنْ،وهذا انشغال باشتعال، فكيف حصل!
7 ـ اقترح علينا الصديق الشاعر عبد السلام مصباح القيام بجولة إلى رأس الماء.. أتممنا الجولة ولما وقفنا بحومة السوق دخلنا درب ابن ادريس لنزور الفنان التشكيلي محمد حقون دون إخباره بذلك!.. هذا أول لقاء لي برجل بدا لي حسن الصورة واللقاء.. بادي الحشمة، دخلنا منزل السي محمد حقون ذي الطوابق الثلاث، كل طابق منها مزدانة أركانه بإتحافات وذخائر ووثائق وصور وتسجيلات مرئية وصوتية وكتب وآلات فوتوغرافية، وألواح قرآنية ولوحات تشكيلية.. والمدهش أن كل محتويات البيت هي من صنع صاحبه!.. لم يخل حديث السّي محمد حقون من فوائد همت سيرته الذاتية.. وأخبارا عن أستاذه اللامع عبد السلام خَرْخُور، وإفادات طرائفَ ومستملحاتٍ.
لا أجد عبارات أشكر بها صديقي عبد السلام مصباح على مفاجأته الجميلة الخالدة بالتعرف على إنسان ما إن تره عينك
حتى يحبه قلبك..