viernes, julio 24, 2009

الإعلام وبناء الذاكرة المغربية ـ الإسبانية المشتركة




غرناطة
سعيد نعــــام
احتضنت المؤسسة العربية الأوروبية بمدينة غرناطة الإسبانية مؤخرا، وبمبادرة من مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل، لقاءا دوليا حول موضوع « الخطاب الإعلامي وسبل إعادة بناء الذاكرة المشتركة « نموذج الذاكرة المغربية الإسبانية. وتأتي هذه المبادرة من أجل تناول قضية من بين القضايا المغربية الإسبانية الأكثر حساسية وإثارة للجدل . وقد جاء برنامج اللقاء في خمس محاور، استهل المحورالأول منها والمتعلق بسؤال الذاكرة وتعدد الثقافات، عبد السلام بوطيب رئيس المركز بورقة تعريفية للمؤسسة وأهدافها، وما حققته منذ انطلاق أشغالها. تلاه عرض شريط وثائقي بعنوان « أسطورة غرناطة» لصاحبه حسين مجدوبي عضو المرصد المغربي الإسباني للصحافة . قدمه وسير النقاش حوله مصطفى أقلعي ناصرأستاذ باحث بجامعة باريس، من خلال مداخلات كل من الأساتذة :عبد اللطيف شهبون من جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، ساندرا الروخو باحثة انتروبولوجية بجامعة غرناطة ، محمد السعدي باحث بجامعة محمد الأول بوجدة، ادريس الجبروني مؤرخ وعضو الشبكة الدولية للكتاب باللغة الإسبانية، وأخيرا محجوب بن سعلي صحفي من الجريدة الإلكترونية «أصداء الريف». وتناول المحور الثاني موضوع : التاريخ ـ الذاكرة ـ السياسة والخطاب الإعلامي ، أدار نقاشه ادريس الجبروني من خلال مداخلات الأساتذة : الموساوي العجلاوي باحث بمعهد الدراسات الإفريقية بالرباط ، فرانسيسكو فيغيراس روالدان مراسل التلفزة الإسبانية من غرناطة ، والصحفي حسين المجدوبي ، تلته أسئلة ومداخلات الحاضرين . الصحافة والتصورات الاجتماعية هو العنوان العريض للمحورالثالث في هذا اللقاء. وقد طرح إشكالية الخطاب الإعلامي ودوره في تقديم الآخر: الإسبان في المغرب والمغاربة في إسبانيا ( تصورات متقاطعة ). سيرمائدة النقاش حول الموضوع : عبد الفتاح الزين رئيس اللجنة العلمية للمركز، من خلال مداخلات الأساتذة: دومينكو ديل بينو مراسل سابق بجريدة الباييس بالمغرب ورئيس القسم العربي سابقا بوكالة الانباء الإسبانية « إفي «والصحفي خوصي بيخارانو، عبد العزيزهاشمي باحث وفاعل مدني، بيدروروخو مدير المجلة العربية «الفنار» وأيمن الزوبير مراسل قناة الجزيرة بمدريد. وتناول المحور الرابع موضوع : الصورة والكلمة وأهمية دور الصحفي في تيسيرالتواصل بين مختلف الثقافات، وإشاعة قيم حقوق الإنسان. أدار نقاش الموضوع عبد السلام الصديقي عضوالمركز بمداخلات كل من: الصحفي رشيد الراخا، فيران ساليس أستاذ التواصل بجامعة برشلونة، يولاندا أونكينا منسقة برنامج «ديناميكية الثقافات المتعددة» من مركز الأبحاث حول العلاقات الدولية ببرشلونة . أما المحور الخامس والأخير فقد طرح إشكالية حدود الموضوعية في العمل الصحفي ، وكيفية تفاعل الصحافيين المغاربة والإسبان مع أسئلة الذاكرة المشتركة ( قراءة في التقريرالتركيبي لندوة تطوان حول مساهمة المغاربة في الحرب الأهلية الإسبانية وردود الفعل التي أثارتها هذه الندوة في الوسط الإسباني ) من تقديم عبد الفتاح الزين . أما تسيير نقاش هذا المحور فقد كان من طرف الصحفية المغربية سعيدة بوداغلية من إذاعة «فاييكاس» بمدريد، ومداخلة كل من: رافائيل غيريرو مدير البرنامج الإذاعي « الذاكرة « في كنال سور» والباحث الصحفي بوغالب العطار، و بيدروكاناليس صحفي بجريدة إيل امبسريال. وكانت المداخلة الأخيرة لأنس بن صالح مراسل قناة الجزيرة بالمغرب ، وهي من بين المداخلات القيمة التي لخصت المشهد في قضية الخطاب الإعلامي بين البلدين ، حيث ذكر مراسل الجزيرة أن المسافة بين المغرب وإسبانيا ليست مسافة جغرافية ولا تاريخية ، وإنما هي مسافة ذهنية. وأن البلدين معا محكوم عليهما بمد الجسورمن أجل خلق حوارهادف وجاد من شأنه أن يدلل كل العقبات . وشهدت جلسات اللقاء عدة مشاركات في المحاورالمشارإليها ، ألقاها مغاربة وإسبان على الخصوص ؛ مما ينم عن أهمية الموضوع وحيويته ، وتشابك العلاقات المغربية الإسبانية ، والرغبة في تجاوزمعوقات بناء ذاكرة مشتركة تؤمن الجسور نحو مستقبل أفضل يحررالأجيال المقبلة من تبعات الماضي . فالأمر يتطلب بناء موقف موحد حول كتابة جديدة للوقائع والتاريخ ، بما يفتح الباب لحفظ الذاكرة ومسلسل بنائها ، ضمن مقاربة تشاركية تضمن الحق في الذاكرة ، وتأخذ بعين الاعتبارالأفق التاريخي للتحولات المجتمعية ، والمشروع المستقبلي القائم على ترسيخ العلاقات بين البلدين الجارين واحترام حقوق الإنسان ، والاحترام المتبادل للآخرولثقافته. وعلى الرغم من أهميته ، فإن لقاء غرناطة الإعلامي لم يحظ بما يستحقه من تغطية إعلامية . فقد كان مدرج المؤسسة الأوروبية العربية شبه فارغ . كما لوحظ غياب الصحافة المحلية . مصادر مطلعة صرحت لجريدة «الشمال» أن السبب الرئيسي في مقاطعة اللقاء من طرف بعض الدوائر الإعلامية ومن بعض الأوساط المثقفة في جامعة غرناطة ، هو عدم وضوح الرؤية من أهداف اللقاء وبالأخص الجهة المنظمة والممولة له. إن المركز بمبادرته هذه ـ يقول عبد السلام بوطيب في ختام اللقاء ــ يتوخى العمل من أجل تحريرالأجيال المقبلة من منطق الصراع الموروث عن الأسلاف وعن فترات تاريخية سالفة لازالت تلقي بثقلها على مستقبل الشعبين. فالمركز سيظل فضاءا مفتوحا لكل المبادرات والأعمال التي تنتصر للمستقبل المشترك ولحق الأجيال المقبلة في ذاكرة مشتركة.