http://www.alittihad.ae/details.php?id=99160&y=2011&article=full
د. طلعت شاهين
تحتفل معظم دول أميركا اللاتينية هذا العام بمرور مائتي عام على استقلالها من الاستعمار الاسباني، وبدأت الاستعداد لهذه الاحتفالات مبكرا عندما أعلنت فنزويلا عن مشاركتها في احتفالات اسبانيا عام 1992 بمرور 500 سنة على “عام الاكتشاف” والذي سماه معظم زعماء أميركا اللاتينية الجدد “عام الاحتلال”، وبدأت دول أميركا اللاتينية الاستعداد منذ ذلك الوقت لهذه الاحتفالات لتؤكد أمام العالم كله أنها كانت محتلة ونالت استقلالها بنضالها الذي دفعت من خلال ثمنا باهظا من دماء أبنائها.
لم تكن تلك المعركة الوحيدة التي بدأت منذ ذلك الوقت للتأكيد على هوية اميركا اللاتينية المستقلة، بل امتدت تلك المعارك الى مجال الأدب، وكانت شخصية الكاتب الرائد للحداثة اللاتينية “روبين داريو” مجالا آخر للمعارك بين دول اميركا اللاتينية نفسها، وذلك لأنه رغم مولده في نيكاراجوا عام 1867، فقد تنقل بين بلاد أميركا اللاتينية جميعها داعيا الى الانفصال الأدبي عن اسبانيا، أي لكي يصبح لتلك البلاد أدبها المستقل. والمعروف أن داريو مثّل العديد من دول اميركا اللاتينية في المحافل الدولية، الى جانب تقلده مناصب دبلوماسية عديدة ممثلا لدولة أمام أخرى. ولمعرفة سبب المعارك الدائرة الآن حول روبين داريو علينا ان نتابع مسيرته الإبداعية، فهو كان يعتبر أهم شخصية في أدب أميركا اللاتينية المعاصر، ويعتبره النقاد والباحثون الأب الروحي لحركة الحداثة “الموديرنيزمو” El Modernismo، التي كان كتابه “أزرق” الصادر عام 1888 إنجيلها ونموذجها الأدبي الرائع، وبفضل كتاباته وتأثراتها انتقل هذا الأدب مع نهايات القرن التاسع عشر من “أدب الهامش” بالنسبة للآداب المكتوبة باللغة الإسبانية التي كان مركزها في ذلك الوقت ومنذ فتح كريستوفر كولومبس للعالم الجديد عام 1492 العاصمة مدريد، ليكون أدب المركز المكتوب في تلك اللغة هو اميركا اللاتينية نفسها. ويعتبر العام 1888 الذي أصدر فيه روبين داريو مؤلفه “أزرق”، الذي حوى مجموعة من النصوص الشعرية والنثرية، نقطة تحول مهمة في تاريخ الآداب المكتوبة باللغة الأسبانية، ليس فقط في أميركا اللاتينية بل وانعكس تأثيره على الأدب المكتوب في أسبانيا نفسها، وبصدوره تحول الهامش الأميركي اللاتيني إلى المركز وتراجعت أسبانيا لتصبح تابعة لهذا المركز اللغوي والأدبي الجديد. ديبلوماسية وأدب ولد روبين داريو عام 1867 بمدينة “ميتابا” (نيكاراجوا) بعد أكثر قليلا من عام واحد من زواج والده مانويل جارثيا من أمه روسا سارامينتو، وهو زواج دام قليلا، فقد قررت الأم الانفصال عن زوجها بسبب إدمانه الخمر ولا مبالاته بالحياة الزوجية، ورغم أن ميلاده جاء ليدفع الأب إلى محاولة إعادة بناء أسرته، إلا أن الأم سرعان ما انفصلت مجددا وتركت بيت الأسرة لتعيش مع عمة لها كانت تقيم في مدينة “ليون”، وعندما ارتبطت الأم مجددا برجل آخر ذهبت معه للإقامة بمدينة “سان ماركوس” التي تقع في الهندوراس الحالية، وتركت الابن في رعاية العمة وزوجها الكولونيل فيليكس راميريث مادريخيل. ما أن بدأ روبين داريو يعي ويخرج من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الصبا، حتى انتقل إلى مدينة “ليون” في نيكاراجوا ليدرس في معهد “اوكسدنتي” (الغرب) ويلتقي هناك بأستاذ الأدب “خوسيه ليونارد” القادم من بولندا مهاجرا من بلاده لأسباب سياسية، والذي كان أول من تنبه إلى ميوله نحو الأدب، ثم بعد إكمال المرحلة الأولى من دراسته حاول العمل في مجالات شتى، ولكن نبوغه الأدبي المبكر رشحه للعمل محررا بإحدى الصحف المحلية، وظل يتنقل من عمل إلى آخر إلى أن أتيحت له الفرصة للسفر إلى عدد من دول أميركا اللاتينية مثل الأرجنتين والتشيلي وكولومبيا، قبل أن تتاح له فرصة ذهبية للسفر إلى أوروبا، وتحديدا فرنسا حيث تعرف في باريس على مالارميه وفيرلين وغيرهما من الشعراء الغنائيين الفرنسيين. وقد قام بكل هذا في وقت قصير جدا وسرعان ما عاد إلى بلاده ليعمل في المكتبة الوطنية لنيكاراجوا، ولكنه لم يتخل عن هوايته في دراسة الأدب الأسباني الكلاسيكي، والتعرف على إبداع كبار كتاب اللغات الأجنبية الأخرى، وكان معجبا بشكل خاص بإبداعات الفرنسي فيكتور هوجو، والذي كثيرا ما بدت تأثيراته وتردد اسمه في كتابات روبين داريو الشعرية والنثرية. لم تكن حياة روبين داريو العملية مستقرة على الإطلاق، فقد تنقل بين العديد من دول أميركا الجنوبية بحثا عن فرص أفضل للحياة نظرا لتأثير التغيرات السياسية والانقلابات العسكرية على علاقته بالوظيفة، فقد انتقل عام 1886 إلى التشيلي وعمل محررا بجريدة “ايبوكا” إلى جوار عمله مراسلا لعدد من الصحف النيكاراجوية، مثل “الدياريو نيكارجوينسي” و”الانبارثيال”، وقضى هناك حوالي أربع سنوات لينتقل بعدها إلى أوروبا مرورا بأسبانيا التي زارها لأول مرة عام 1892، وخلال تلك الزيارة كان مكلفا بتمثيل نيكاراجوا في الاحتفال بمئوية كولومبس، ثم عمل وزيرا مفوضا لنيكاراجوا في مدريد، وخلال تلك الفترة احتل العديد من المناصب الرسمية، ومثل بلاده في العديد من الاحتفاليات الدولية السياسية والثقافية، ومع ذلك كان خلال تلك الفترة نشطا في المشاركة الفعالة بتحرير العديد من الصحف والمجلات التي كانت تصدر في أميركا اللاتينية. رائد جيلين كتب الناقد الأسباني “ميجيل دي لوس سانتوس اوليفيير” معلقا على روبن داريو وتأثيره: “لقد كان مرور روبين داريو بالغنائية المكتوبة باللغة الأسبانية كمنشط لها، ولعب دورا مهما في التأثير على جيلين كاملين من كُتابها، فقد حمل على عاتقه وحده وبمفرده أن ينتقل باللغة الأسبانية بمرحلتين مهمتين، وبفضله تعرفت هذه اللغة على المرحلتين “البارناسية” و”التعبيرية الرمزية”، ودفع بها إلى بدايات هاتين المرحلتين، وعمل على أن تنجز ردة فعلها في هذين المجالين، ثم لعب بعد ذلك دورا في التمرد على هذين الاتجاهين عندما بدأ توهجهما يخفت، وذلك من خلال البدء في مرحلة أطلق عليها النقاد “الكلاسيكية الجديدة” neoclasico، ليسجل بعد ذلك مرحلة انطلاق مهمة في الأدب المكتوب باللغة الأسبانية أطلق عليها النقاد اسم “الحداثة” El moderismo. يرى نقاد تلك الفترة أيضا، أن أول هذه التأثيرات بدأ مبكرا مع صدور كتاب “أزرق” الصادر عام 1888، والذي وضع الكاتب على أولى خطوات الشهرة كشاعر ومبدع نثري، وفي الوقت نفسه وجه الضربة الأخيرة لتبعية الكتابة في أميركا اللاتينية للكتابة القادمة من أسبانيا، كما أشرنا وأشار النقاد من قبل، بل ونبه كتّاب أسبانيا أنفسهم إلى أن شيئا جديدا يتحرك من حولهم وأنه لا بد عليهم من الخروج من حالة الجمود التي وصلوا إليها. ساعد على ترسيخ وجود روبين داريو ككاتب وشاعر مؤثر اهتمام نقاد آخرين من أسبانيا بهذا الإبداع، وكانت لرسالتين كتبهما الناقد الإسباني “خوان فاليرا” في صحيفة “الامبارثيال” تأثيرا كبيرا في هذا المجال، فقد وصفه بأنه “ناثر وشاعر متميز، رغم وقوعه تحت تأثير مبالغ فيه من الأدب الفرنسي”، ولم يكن تأثير هاتين الرسالتين مهما في أسبانيا فحسب بل حققتا لروبين داريو شهرة واسعة في معظم دول أميركا اللاتينية، وجعلته يتقدم بخطى واسعة نحو عرض رؤيته لما يجب أن يكون عليه الأدب الجديد، وما يجب أن يتخلى عنه الأدب المكتوب بالأسبانية ليلحق بتطور جديد في مسيرته. في مدريد بوصوله إلى إسبانيا في رحلته الأوروبية التف حوله مجموعة من الكُتاب الشباب رغم المعارضة التي واجهها وجوده من جانب الكُتاب الأكاديميين الكبار، ومن بين شباب ذلك الوقت المعجب بإنجازات روبين داريو الأدبية كان الشاعر “خوان رامون خيمنيث” الذي يعتبر من ابرز شعراء “الموديرنيزمو” في أسبانيا، والحاصل على جائزة نوبل للآداب فيما بعد، وأيضا كان هناك عدد من الكتاب المسرحيين أمثال “باي انكلان”، و”خاثينتو فينابنتي”، و”فرانثيسكو بياسبيثا”، وغيرهم من أهم كتاب أسبانيا في النصف الأول من القرن العشرين. وأيضا كان لقاؤه مع “انطونيو ماتشادو” في باريس من أهم نقاط التحول في أدب ماتشادو الذي تحول بفضل إعجابه به إلى نوع من التكريس له كرائد للأدب المكتوب بالأسبانية. استخدم روبين داريو في كتابة أشعاره أنواعا جديدة من الأوزان الموسيقية التي لم تكن مطروحة في الشعر الأسباني حتى ذلك الوقت، ومزج بين العديد من التفعيلات ليقدم تركيبا شكليا جديدا اعتبره النقاد خروجا على ما اعتاد شعراء اللغة الأسبانية استخدامه حتى ذلك الوقت. ويؤرخ نقاد الأدب الأسباني ظهور “الموديرنيزمو” El moderismo، ولم يكن اللافت للنظر هذا التجديد الشكلي فقط، بل إن كتابات داريو شكلت منعطفا مهما في الاهتمام بالقضايا الحياتية والإنسانية المهمة التي كانت تمر بها مجتمعات تلك المنطقة، فقد عبر الكاتب في كتاباته عن رفضه للكثير من ممارسات المجتمع البرجوازي، وتعتبر قصته “الملك البرجوازي” مهمة في هذا الاتجاه، والتي ظهرت في الطبعة الثانية لكتاب “أزرق” الصادرة عام 1890 بعد إضافة نصوص أخرى إليه. وحسب النقاد سارت كتابات داريو في اتجاهات عدة، فالنقاد يعتبرون أن “أناشيد الحياة والأمل” الصادر عام 1905، يقدم مرحلة جديدة في مسيرته، ينحو فيها نحو التأمل الداخلي وإبراز الأحاسيس الخاصة جدا دون التخلي عن الخط الشكلي الذي ميز مرحلة الحداثة التي دشنها بكتابه “أزرق”، وتأكد هذا الاتجاه بعد ذلك بصدور “النشيد الشارد” عام 1907، وكذلك كتابه “قصيدة الخريف وقصائد أخرى” الصادر عام 1910. ورغم أهمية الكتب الصادرة في حياته وتأثيرها الكبير على تجديد الأدب المكتوب باللغة الأسبانية إلا إن الكثير من كتاباته لم تنشر في كتب خلال حياته، بل كانت تنشر موزعة في الصحف والمجلات التي كان يشارك في تحريرها أو يديرها بنفسه، وظلت بعيدة عن الكتب إلى أن قام خوسيه فياكستين الرجل الذي ارتبطت به زوجة روبين داريو الأخيرة بعد رحيله بجمع هذه القصائد والكتابات غير المنشورة والمنتشرة في العالم كله، ودفع بها إلى دار نشر “اجيلار” لترى النور مجمعة. من أبرز إضافات كتابات روبين داريو إلى الأدب المكتوب بالأسبانية استخدامه لصور ورموز لم تكن دارجة من قبل، ومن أبرز تلك الرموز التي استقاها من الطبيعة المحيطة به، رمز البجعة أو الأوزة، الذي كثيرا ما تكرر في كتاباته سواء الشعرية أو النثرية، وكان تكرار رمز الأوزة في العديد من كتاباته يكاد يصل إلى حد الهوس، وان كان هذا الرمز المتكرر يعبر في الكثير من استخداماته عن الجمال، وفي كثير من الاستخدامات كان نوعا من الإشارة إلى روبين داريو نفسه، بل إن بعض النقاد كانوا يطلقون على حركة “الموديرنيزمو” على أنها حركة “الأوزة” وعندما بلغت تلك الحركة نهايتها وبدأت الأجيال الجديدة في التمرد عليها لدخول مرحلة أخرى من التطور قال الناقد “انريكي جونثالث مارتينيث”: “إنه يجب كسر عنق الأوزة”. تأثر إغريقي الثقافة الإغريقية القديمة مثلت أيضا رموزها تكرارا مهما في أعمال روبين داريو وكثيرا ما استخدم أسماء الآلهة الإغريقية بدلالاتها المختلفة، بل خصص أعمالا كاملة تجمع تلك الآلهة معا في صورة واحدة، ومنها قصيدة شهيرة تحت عنوان “حوارات السانتوريات” وتمثل بالنسبة له الدلالة على ازدواجية الروح والجسد من خلال طبيعة “السانتوري” أو “المسخ” الذي تصوره الأساطير اليونانية على أنه جذع رجل متكامل يقوم على سيقان حصان، لأنه بالنسبة له فإن هذا الشكل الأسطوري يشكل طبيعة البشر المرتبطة بالحيوانية، بالطبع هناك رموز أخرى لها علاقة بأعماله الشعرية والنثرية على حد سواء، فاللون الأزرق الذي اتخذه عنوانا لأول واهم كتبه تكرر هذا اللون كثيرا في أشعاره وقصصه متخذا دلالات أخرى مختلفة. وتميزت أشعاره في الحب بتنوع الملامح الجمالية للمحبوبة، وحسب رؤية الكاتب الإسباني “بدرو ساليناس” فإن هذا يعود إلى تعدد قصص الحب الحقيقية التي مر بها داريو في حياته وكان لكل واحدة منهن جمالها وشكلها الخاص، من أول الشقراء ذات العيون الزرقاء التي كانت أول حب له، إلى الهندية الأصيلة ذات اللون الأسمر كالشيكولاته، إلى السمراء وغيرهن ممن مررن بحياته، لذلك لا توجد امرأة مثالية في حياة داريو بل تتعدد المرأة المثالية بتعدد المحبوبات والعشيقات في حياته. أيضا كثيرا ما نرى مشاهد شاذة وغريبة في أعمال داريو وربما في كثير من الأعمال التي أبدعها كُتاب ينتمون إلى حركته الحداثية، ويفسر كثير من النقاد هذه المشاهد الغريبة والشاذة في أعمال داريو وغيره من المتأثرين به على أنها رفض للعادي أو الاعتيادي الذي كانوا يعيشونه ويشاهدونه منعكسا في أعمال المبدعين السابقين عليهم، وأيضا يفسرونه على انه هروب من واقع مرفوض إلى واقع عاشته البشرية من قبل كما هو الحال في الثقافة الإغريقية، وفي بعض الأحيان باللجوء إلى أساطير الثقافات الشرقية: الفارسية والعربية. بالطبع لجأ روبين داريو كثيرا إلى ماضي بلاده من الثقافات الهندية القديمة السابقة على وصول كولومبس إلى ما سمي بالعالم الجديد، ويتجلى هذا في عودته إلى ذكر الأشياء القديمة، أو تخيل الأوضاع في الماضي في تلك القارة البكر، وأيضا كثيرا ما لجأ إلى رموز من حضارات المايا والاثتيك ليعبر عن أوضاع معاصرة في حياته. لا تزال إبداعات روبين داريو تشكل جذرا أصيلا في أعمال مبدعي الآداب المكتوبة باللغة الأسبانية رغم مرور ما يقرب من قرن على وفاته، ولا يزال يعتبر احد كلاسيكيات هذه اللغة التي لا يمكن أن تنمحي، والمؤسف أن ترجمة إبداعات روبين داريو إلى اللغة العربية كانت ولا تزال قليلة جدا، فقد اقتصرت على ترجمات متفرقة من أشعاره وقصصه، لذلك تحاول هذه المختارات أن تقدم أول رؤية أقرب إلى التكامل، لأن المختارات لا تقدم سوى نماذج من كل نوع أدبي مارسه الكاتب، وحتى يمكن التعرف عليه كخطوة أولى للدخول إلى عالمه، ونرجو أن نكون قد نجحنا في ذلك. المسحور بالأندلس والشرق وفلسطين عرف روبن داريّو بإعجابه الشديد بالثّقافة العربيّة وكان مأخوذاً بسحر الشّرق، كما يبدو ذلك في أعماله مثل “ألف ليلة وليلة”. وفي قصيدته “رواق” التي ترجمها إدريس الجبروني المصمودي، ومحمد القاضي يُحَدثنا عن ملقة وإشبيلية وعن الغناء الأندلسي، ورقصة الفلامنكو، ثم يعود بنا إلى الماضي والمكان هو شبه الجزيرة العربية، حيث تذهب ملكة سبأ في رحــلةٍ إلى القدس كي تزور سليمان الحكيم. يقول في القصيدة: “في كنوز ملكة سبأ تحفظ في سرية إشارات سماوية أسهم من النار في جعبة نشابها السحري لآلئ، وياقوت، والياقوت الأزرق، والأحجار الكريمة”. أما قصيدة “الوردة الطفلة”، فهي انعكاس لتأملاته الروحيّة والدينيّة التي يستلهمها من فلسطين مهد الديانات فيقول: “في فلسطين كريستالٌ وذَهبٌ ووردة والفجرُ يخرج ثلاثةُ ملوكٍ لعبادة الملك قبسٌ إلهي يملأُ زهرة الطفولة”. لوركا ونيرودا في مواجهة «الثور».. داريو تم، في إسبانيا العثور على نص يمكن اعتباره فريداً في عالم الشعر. فهو حوار بين الشاعرين الكبيرين، الإسباني فيدريكو جارثيا لوركا والتشيلي بابلو نيرودا، دار بينهما بمناسبة احتفالية أقاماها في الأرجنتين عام 1933 على شرف روبن داريو، بعد سبعة عشر عاماً على وفاته. يستعير الشاعران في نصهما الأدبي إحدى مفردات مصارعة الثيران وينتقلان بها إلى عالم الأدب، ليواجها ثوراً واحداً، هو روبن داريو. ويبقى هذا الحوار الأدبي، بداية جميلة لتحليل علاقة الشعراء الثلاثة الكبار ببعضهم، خاصة أن كثيرين كانوا يجهلون وجود علاقة مباشرة بين لوركا ونيرودا، رغم أن كليهما تحدث عن الآخر في حوارات متفرقة. |