مقامات تونسيّة.. |
وفي الثانية عاودت استئذانه.. فأخبرني بواسطة أخوين عزيزين، رشيد وعبد الرحيم.. أن لي في هذا السفر خيرا.. وأوصاني أن أكثر من تلاوة سورة يس وقراءة حزب النصر «إلاهي: أسألك غمسة في بحر نور هيبتك القاهرة الباهرة..» مقامات تونسيّة..
وفي الثانية عاودت استئذانه.. فأخبرني بواسطة أخوين عزيزين، رشيد وعبد الرحيم.. أن لي في هذا السفر خيرا.. وأوصاني أن أكثر من تلاوة سورة يس وقراءة حزب النصر «إلاهي: أسألك غمسة في بحر نور هيبتك القاهرة الباهرة..» في ليلة الثامن من سبتمبر الجاري حطت بي الطائرة في مطار قرطاج، استأجرت سيارة أوصلتني إلى نزل المشتل بالعاصمة التونسية.. وضعت أمتعتي بالغرفة 831 ونزلت على التو إلى البهو في انتظار الصديق عبدالحميد.. غادرنا النزل بِنيَّة البحث عن مطعم.. فتوقفت أمامنا صدفة سيارة يقودها المناضل الحقوقي التونسي كمال الجندوبي (يشغل حاليا رئاسة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات).. ألح كمال على مرافقتنا.. وبعد جولة قصيرة في أحياء العاصمة.. اخترنا مطعما شعبيا تناولنا به عشاء خفيفا.. وتحدث إلينا كمال بإسهاب وواقعية عن مرحلة مابعد بنعلي بملابساتها وإكراهاتها الجمة.. بعد ظهر الجمعة انعقدت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر السادس للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بقصر المؤتمرات بحضور شخصيات سياسية ونقابية وحقوقية وجمعوية من داخل تونس وخارجها.. في مقدمتها الوزير الأول الباجي قائد السبسي.. التقيت في مدخل نزل المشتل بالصديق محمد الكحلاوي (الجامعي الباحث في التصوف).. كان اللقاء صدفة جميلة ترجمت معنى: «لك في هذا السفر خير..» في صباح اليوم الموالي اصطحبني الصديق الكحلاوي في سيارته إلى روضة التوبة.. حيث توجد مغارة سيدي علي أبي الحسن الشاذلي.. دخلت المغارة.. صليت ركعتين وختمت بالدعاء.. لألتحق بجمع الذاكرين بالمقام الشاذلي المجاور.. قرأت القسم الثاني من الحزب الكبير المسمى حزب البرِّ.. وهو كنز مفاخر.. وحجة أواخر.. وقطرة من أبحر زواخر.. تعين على تفريج الكروب وتنوير الدروب.. واستهلاله بعد البسملة والتصلية قول الحق سبحانه «وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا، فقل سلام عليكم، كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح، فإنه غفور رحيم..» كان الصباح في المقام الشاذلي صالحا.. وكانت الألسنة ذاكرة.. والقلوب خاشعة.. وكان هذا الحال دالا على معنى «لك في هذا السفر خير..» في ليلة اليوم ذاته تكرم الصديق الكحلاوي، فدعاني لحضور قراءة حزب اللُّطْف؛ وهو حزب يقرأ مرة في السنة.. تزامنت هذه القراءة مع وفادتي إلى المقام الشاذلي في سيدي بوسعيد..! «اللهم يامن لطفه بخلقه شامل، وخيره وبِرّه لعبده واصل، لا تخرجنا من دائرة الألطاف، وأمِّنَّا من كل مانخاف..» أنهى الذاكرون قراءتهم بعد الواحدة صباحا ليواصل العيساويون في فضاء «العالية» أذكارهم حتى وقت قريب من الفجر.. زرت تونس مرارا.. ولمدد متفاوتة.. وجلت أهم مناطق وجهات القطر التونسي.. لكن زيارتي هذه كان لها وقع ومعنى خاصّان! قبل هذه الزيارة كنت نهب اكْتئاب.. كأن في قلبي جنازة.. تلازمني فكرة: أن حياتي مضت سريعا وعمري قد انهار مثل الاستعارة.. لكني عشت في تونس امتلاء كاملا في عذوبة فضاءات روحانية مبللة برذاذ خالد هو ذكر الله.. في صباح الأحد حادي عشر سبتمبر التقيت مجددا بالصديق الكحلاوي ناولني مجموعا به أحزاب وأوراد وأدعية القطب سيدي محيي الدين عبد القادر الجيلاني.. كما ناولني كتابه «مناقب السيدة عائشة المنوبية» وهو نص منقبي محقق تحقيقا علميا أُعِدَّت له «مقاربة نسقية كاشفة عن سمات تجربة متفردة في تمثل المعتقد الديني واستبطان معانيه الفكرية الوجودية وأبعاده الجمالية الإتيقية استبطانا روحيا عميقا يتجاوز المألوف وينفتح بالمقدس على عوالم الرؤى..» كان لي خير كثير في هذه الزيارة.. وللحديث صلة. |