قد نتفق أو نختلف..
وجهت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان مساء يوم الجمعية 10 يوليوز 2009 دعوة لسياسيين وجامعيين وصحافيين ونشطاء حقوقيين لمناقشة مقال سياسي للأستاذ محمد المرواني عَنْوَنَهُ بـ«نعم، الإصلاح الديمقراطي ممكن مغربي..» كان قد فرغ من كتابته بالسجن المحلي بسلا في 22 صفر 1430 موافق 18 فبراير 2009.
في الاستهلال، أشار محمد محيفيظ (عضو المجلس الوطني للمنظمة)، أن اللقاء مندرج في التوجه الداعم لقضايا حقوق الإنسان في علاقتها بالديمقراطية، وتأصيل ثقافة الاستماع إلى خطابات المحيط بمكوّناته وأطيافه.. وفي هذا السياق أبرزت كلمة الجهتين المنظمتين التي قدمتها خديجة مروازي أهداف ودلالات هذا التناظر الفكري/الحقوقي.. وبعد الإنصات إلى رسالة بعث بها الأستاذ المرواني للمنظمين والمناقشين والحاضرين تحيةَ شكر ووفاء وتقدير.. وإنارةً لجوهر المقال.. اعتبر الباحث عبد الله حمودي أن المقال يخاطب العقل والوجدان.. ويدافع باقتدار عال، ووضوح هادف على مداخل الإصلاح الكبرى.. حاثًّا على إعمال الوعي بالزمن السياسي والتدرج وحسن التدبير، في حين أكد محمد سؤال، القيادي بحزب التقدم والاشتراكية، أن المقال لا يقدم إجابات عن أسئلة كبرى عالقة.. ولا يلامس قضايا جوهرية بالعمق المطلوب..
واعتبر حسن طارق (عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية)، أن أهمية المعبر عنه في المقال محدد في القول: بمدنية الدولة.. ومدنية العمل السياسي.. وجدلية الفشل السياسي بالمغرب..والدعوة إلى تأهيل الدولة.
ورأى محمد حفيظ (مدير جريدة الحياة)، أن المقال موسوم بتفاؤل رغم واقع الحال الذي يعرف «تراجع التراجع»! وأوضح مصطفى الخلفي (مدير جريدة التجديد) أن المقال يَسْتَدْعي رَبْطَهُ بمقالتين سابقتين للأستاذ المرواني دفاعا عن رؤية نسقية تثير الدعوة إلى استعجالية حوار سياسي وطني إزاء نوازل المغرب..
وعلل عبد العالي حامي الدين (جامعي) المقال بكونه أطروحة متضمنة لإشكالية: لماذا تعثر الاصلاح الديمقراطي في المغرب؟، وعلى فرضيات من قبيل: الدستور والانتخابات وهو متميز بمصادره الحديثة، وثراء خلفيته التراثية الإسلامية (ابن رشد، ابن تيمية، القرافي..) وبعناصر قوة مضمونه (تكثيف قراءة التاريخ السياسي المغربي، تَبْيِئَة مفهوم الديمقراطية في المغرب، الجهد التنظيري الكبيرفي قضايا تشكل الهاجس الأساس للفاعلين السياسيين..!
وأما أحمد بوعشرين (باحث في الفكر والحركات الإسلامييْن) فتوقف عند مفهوم «اللقاء التواصلي» وأهميته في ظرفية موسومة بالتصامُمِ واللاتواصل بين النخب والفعاليات الفكرية والمجتمعية مما يساهم في خلق المزيد من جزر وهمية للاختلافات.. وبعدما أبان أن المقال محاولة لإيجاد أرضية فكرية توافقية..حدد نواظمه في:
ـ نبذ الإكراه على الاختيار (وهذا يعني، التوافق على دولة المجتمع، واعتبار الاعتقاد ليس شرطا للمواطنة في الدولة الإسلامية).
ــ اعتبار قضايا السياسة الشرعية من المصالح المفوضة إلى نظر الخَلْق (ومعْناه مدنية الدولة الإسلامية ومدنية الحزب السياسي.. واعتبار العلاقة بين الدين والسياسة علاقة تميز، وليست علاقة انفصال.
ــ التدرج التراكمي (ومعْناه: أن التاريخ لا يضيع بالاختصار، وأن «الخروج خطأ»، وأن بناء الديمقراطية تدرج تحكمة التراكمات.
ــ الموازنة والترجيحات (ومعناه أنه ليست هناك مصالح مطلقة أو مفاسد مطلقة.. وأن جَلْبَ المصالح يقتضي درء المفاسد.. وأن إعمال الموازنة بين الدفاع عن الدولة من الأخطار الخارجية وبين تدبير الوضع الداخلي ضرورة..)
ــ الانشداد إلى التجديد الفكري (ومعناه، تجديد النظر إلى الدين وتحريره من المنظورات السلطوية/ الاستبدادية..وتوسيع مساحة العقل إذ لا تناقض بين صريح المنقول وصحيح المعقول..)
وبعد:
فقد نتفق أو نختلف حول «الشرط الضروري واللازم لدخول المغرب زمن السياسة، بما هو زمن المعقولات والتدبير السِّلْمي للاختلاف..» لكنْ، لا يمكن الاستمرارُ في الصمت عن مواجهة أنماط العبث السياسي الذي تعرفه المؤسسة الحزبية.. هل نحتاج أن نذكر بما جرى في استحقاقات 12 يونيه 2009 وما سيتلوها؟ ماهي حدود الممكن في الانتفاضة المخلَّقة ضد مفاسد القيادات السياسية في الأحزاب؟ أليس العزوف واليأس نتيجتين طبيعيتين لمنتوج الهندسة الفاسدة؟