martes, julio 28, 2009

قد نتفق أو نختلف.. Abdelatif Chahbounعبد اللطيف شهبون

قد نتفق أو نختلف..


وجهت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان مساء يوم الجمعية 10 يوليوز 2009 دعوة لسياسيين وجامعيين وصحافيين ونشطاء حقوقيين لمناقشة مقال سياسي للأستاذ محمد المرواني عَنْوَنَهُ بـ«نعم، الإصلاح الديمقراطي ممكن مغربي..» كان قد فرغ من كتابته بالسجن المحلي بسلا في 22 صفر 1430 موافق 18 فبراير 2009.
في الاستهلال، أشار محمد محيفيظ (عضو المجلس الوطني للمنظمة)، أن اللقاء مندرج في التوجه الداعم لقضايا حقوق الإنسان في علاقتها بالديمقراطية، وتأصيل ثقافة الاستماع إلى خطابات المحيط بمكوّناته وأطيافه.. وفي هذا السياق أبرزت كلمة الجهتين المنظمتين التي قدمتها خديجة مروازي أهداف ودلالات هذا التناظر الفكري/الحقوقي.. وبعد الإنصات إلى رسالة بعث بها الأستاذ المرواني للمنظمين والمناقشين والحاضرين تحيةَ شكر ووفاء وتقدير.. وإنارةً لجوهر المقال.. اعتبر الباحث عبد الله حمودي أن المقال يخاطب العقل والوجدان.. ويدافع باقتدار عال، ووضوح هادف على مداخل الإصلاح الكبرى.. حاثًّا على إعمال الوعي بالزمن السياسي والتدرج وحسن التدبير، في حين أكد محمد سؤال، القيادي بحزب التقدم والاشتراكية، أن المقال لا يقدم إجابات عن أسئلة كبرى عالقة.. ولا يلامس قضايا جوهرية بالعمق المطلوب..
واعتبر حسن طارق (عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية)، أن أهمية المعبر عنه في المقال محدد في القول: بمدنية الدولة.. ومدنية العمل السياسي.. وجدلية الفشل السياسي بالمغرب..والدعوة إلى تأهيل الدولة.
ورأى محمد حفيظ (مدير جريدة الحياة)، أن المقال موسوم بتفاؤل رغم واقع الحال الذي يعرف «تراجع التراجع»! وأوضح مصطفى الخلفي (مدير جريدة التجديد) أن المقال يَسْتَدْعي رَبْطَهُ بمقالتين سابقتين للأستاذ المرواني دفاعا عن رؤية نسقية تثير الدعوة إلى استعجالية حوار سياسي وطني إزاء نوازل المغرب..
وعلل عبد العالي حامي الدين (جامعي) المقال بكونه أطروحة متضمنة لإشكالية: لماذا تعثر الاصلاح الديمقراطي في المغرب؟، وعلى فرضيات من قبيل: الدستور والانتخابات وهو متميز بمصادره الحديثة، وثراء خلفيته التراثية الإسلامية (ابن رشد، ابن تيمية، القرافي..) وبعناصر قوة مضمونه (تكثيف قراءة التاريخ السياسي المغربي، تَبْيِئَة مفهوم الديمقراطية في المغرب، الجهد التنظيري الكبيرفي قضايا تشكل الهاجس الأساس للفاعلين السياسيين..!
وأما أحمد بوعشرين (باحث في الفكر والحركات الإسلامييْن) فتوقف عند مفهوم «اللقاء التواصلي» وأهميته في ظرفية موسومة بالتصامُمِ واللاتواصل بين النخب والفعاليات الفكرية والمجتمعية مما يساهم في خلق المزيد من جزر وهمية للاختلافات.. وبعدما أبان أن المقال محاولة لإيجاد أرضية فكرية توافقية..حدد نواظمه في:
ـ نبذ الإكراه على الاختيار (وهذا يعني، التوافق على دولة المجتمع، واعتبار الاعتقاد ليس شرطا للمواطنة في الدولة الإسلامية).
ــ اعتبار قضايا السياسة الشرعية من المصالح المفوضة إلى نظر الخَلْق (ومعْناه مدنية الدولة الإسلامية ومدنية الحزب السياسي.. واعتبار العلاقة بين الدين والسياسة علاقة تميز، وليست علاقة انفصال.
ــ التدرج التراكمي (ومعْناه: أن التاريخ لا يضيع بالاختصار، وأن «الخروج خطأ»، وأن بناء الديمقراطية تدرج تحكمة التراكمات.
ــ الموازنة والترجيحات (ومعناه أنه ليست هناك مصالح مطلقة أو مفاسد مطلقة.. وأن جَلْبَ المصالح يقتضي درء المفاسد.. وأن إعمال الموازنة بين الدفاع عن الدولة من الأخطار الخارجية وبين تدبير الوضع الداخلي ضرورة..)
ــ الانشداد إلى التجديد الفكري (ومعناه، تجديد النظر إلى الدين وتحريره من المنظورات السلطوية/ الاستبدادية..وتوسيع مساحة العقل إذ لا تناقض بين صريح المنقول وصحيح المعقول..)
وبعد:
فقد نتفق أو نختلف حول «الشرط الضروري واللازم لدخول المغرب زمن السياسة، بما هو زمن المعقولات والتدبير السِّلْمي للاختلاف..» لكنْ، لا يمكن الاستمرارُ في الصمت عن مواجهة أنماط العبث السياسي الذي تعرفه المؤسسة الحزبية.. هل نحتاج أن نذكر بما جرى في استحقاقات 12 يونيه 2009 وما سيتلوها؟ ماهي حدود الممكن في الانتفاضة المخلَّقة ضد مفاسد القيادات السياسية في الأحزاب؟ أليس العزوف واليأس نتيجتين طبيعيتين لمنتوج الهندسة الفاسدة؟

lunes, julio 27, 2009

الخطاب الإعلامي وسبل إعادة بناء الذاكرة المشترك

وقد جاء هذا اللقاء في سياق الندوة الدولية التي انتظمت بتطوان أيام 26، 27، 28 فبراير و 1 مارس 2009 من
أجل معالجة موضوع "أسئلة الذاكرة المشتركة بين المعالجة القانونية القضائية والمعالجة السياسية الحقوقية : نموذج مشاركة المغاربة في الحرب الأهلية الإسبانية"؛ والتي عرفت ردود أفعال كان من الضروري العمل على وضع أشغال الندوة الدولية المذكورة في سياقها الصحيح ومناقشة تقريرها التركيبي لبناء جسور التواصل والنقاش العلمي الرصين والجاد وتقويتها بما يخدم أهداف المركز والذين يراهنون على بناء ذاكرة مشتركة مغربية إسبانية سواء الأفراد منهم أو المؤسسات خدمة للمجتمعين وللأجيال المقبلة من البلدين بالحق في تسلم إرث لا يرهن المستقبل بتراكمات صراعات الأسلاف وتوترات الماضي. ولهذا ارتأى المركز أنه من المفيد أن يرتكز موضوع هذا اللقاء حول دور الإعلام والفاعلين في حقله سواء المختصين أو المهنيين ومن يدور في فلكهم في سبل استعادة الذاكرة وبنائها على أسس ديموقراطية متينة تحتكم إلى مبادئ حقوق الإنسان وتؤسس لقيم الاحترام والتسامح والإنصاف.وشهد اللقاء الدولي المنعقد بالمؤسسة الأوروبية-العربية بغرناطة مشاركة عدد من الإعلاميين والأكاديمين من مسؤولين وباحثين وكتاب ... سواء من إسبانيا أو المغرب أو بعض الدول الأوروبية. وقد تميزت المداخلات بتعدد مشاربها المعرفية والفكرية (نظريات الإعلام، نظريات الاتصال، نظرية التلقي، الاتصال/الإعلام الجماهيري ...) وباختلاف مقاربتها وتيماتها (تحليل الخطاب، الثقافة البينية ...) إلى جانب تنوع المحتديات والحقول العلمية التي اشتغلت ضمنها (أنتروبولوجيا، سوسيولوجيا، تاريخ، علوم سياسية ...). كما أن قاعة المحاضرة شهدت حضور نوعيا للجمهور الذي تابع فعاليات اللقاء والذي أبان بمستوى مساهمته على أن هذا اللقاء حقق أهدافه المنشودة وأنه نقطة انطلاق نحو آفاق رحبة وواعدة لإنجاز ورش الذاكرة المشتركة المغربية-الإسبانية.وقد دارت فعاليات هذا اللقاء في ست جلسات. وحتى يمكن أن نعكس نوعيتها، فإننا نقترح تلخيص أشغالها على الشكل التالي :1. الجلسة الافتتاحية : ترأسها الأستاذ عبد السلام بوطيب (رئيس مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل) والذي افتتح أشغال هذا اللقاء بكلمة ترحيبية ذكّر فيها بظروف نشأة المركز ونوعية مؤسسيه وما أنجزه من أعمال وأنشطة؛ حيث وقف بالخصوص عند ندوة تطوان الدولية المذكورة أعلاه محللا خلاصاتها دون إغفال الإشارة إلى آخر لقاء عقده مع الأحزاب المغربية بالرباط حول حضور الملف المغربي الإسباني في الأجندة السياسية لهذه الأحزاب وما تمخض عن ذلك من توصيات. ثم تناولت الكلمة الأستاذة صاندرا روخو فلوريس (جامعة غرناطة) لقراءة العرض الافتتاحي الأستاذ العربي المساري (كاتب وصحفي/ وزير الإعلام سابقا) الذي تعذر عليه الحضور لطارئ صحي. وقد تناول هذا العرض بالتحليل وسائل الإعلام والذاكرة المشتركة مشيرا إلى أن الصحافة سجل للقضايا المطروحة ولهذا فإن عليها التبليغ بشكل صحيح حتى إذا ما اعتمدناها ساعدتنا على فهم الماضي الذي لا مناص من العودة إليه ... كما أوضح أن الذكريات تتراوح بين السيء والجيد حيث الأحداث تترك وشمها فيها. ولهذا فإنها تشتغل بحسب الإضافات التي تصبغها على الاختلافات الثقافية ... على أنه مطلوب من الصحفي في هذا المجال أن يتوخى الدقة والتحري احتراما للأخلاقيات المهنية دون خلط بين التأمل السياسي والرغبة في تعديل الذاكرة وبين الصراع حول السوق ... وخلص على أن الصحفيين والإعلاميين عموما يواجهون تحديات كبرى على عدد من المستويات ... مقترحا عقد لقاءات دورية بين الإعلاميين لمناقشة الصور المبتذلة والنمطية كما هو عليه الأمر في لقاءات الإعلاميين الأوروبيين النقابة الوطنية للصحافة المغربية.2. الجلسة الأولى : أدارها الأستاذ مصطفى أقلعي (جامعة غرناطة) والتي كان محورها "الذاكرة المشتركة وسؤال تعدد الثقافات" والذي تم تناوله من خلال عرض ومناقشة الفيلم الوثائقي "أسطورة غرناطة" ا لحسين المجدوبي (صحفي) الذي سلط الضوء على الحضارات التي توافدت على غرناطة وكيف جرى طرد الموريسكيين منها في الماضي، والذين ظلوا ماثلين في مخيلة الإسبان منذ ذلك التاريخ حتى عودتهم مع ظاهرة الهجرة منذ الثمانينيات. عودة المسلمين هذه وخاصة المغاربة، كما يبرز ذلك هذا الفيلم الوثائقي، جعل بعض المسيحيين يؤمنون بأسطورة استعادة العرب للمدينة والأندلس. لكن هذه العودة تؤكد أن غرناطة تستعيد جزءا فقدته في الماضي بسبب محاكم التفتيش وتتحول إلى محتضنة لمختلف الثقافات والديانات حيث تسمو روح التسامح على أي تطرف مهما كان نوعه.وقد أشار رئيس الجلسة إلى أنه حصل على عدة جوائز بعدد من دول أمريكا اللاتينية معتبرا أنه يشكل أرضية للحوار في فهم معوقات بناء الذاكرة المشتركة. كما تقدم بقراءة لهذا الفيلم كل من السادة الأساتذة محمد السعدى (جامعة الحسن الأول بوجدة) وعبد اللطيف شهبون (جامعة عبد المالك السعدي بتطوان) وإدريس الجبروني (مؤرخ)؛ حيث بينوا أن هذا الفيلم ليس أسطورة ولكنه استعرض محطات تاريخية حول من خلال القبض على المشترك الحضاري الذي ارتكزت عليه غرناطة في صناعة مجدها ونحت شخصيتها. إذ وقفوا عند التعددية الثقافية التي كانت روح غرناطة والأندلس والذي يجب أن يتحول إلى حوار بين مكونات هذه التعددية وعلى رأسها المغرب وإسبانيا لأنه قدرهما التاريخي ماضيا وحاضرا ومستقبلا من خلال بناء قواعد جديدة تقطع مع منطق الأسلاف ونزعة الانتصار مقابل الاحتكام إلى قيم الاحترام المتبادل والنهوض بثقافة المغفرة والعفو والتسامح. فالفيلم مرافعة فكرية في قالب فني حول جهلنا المشترك؛ إذ يقطع ما تحاول عدد من وسائل الإعلام التي تركز على ما هو سيء ومسيئ للآخر من خلال نظرية المؤامرة التي تصور غالبا الإسلام والمغاربة من خلاله إلى تهديد مع ما يثير ذلك من تأجيج للأحقاد والتوترات بين الدولتين والمجتمعين المغربي والإسباني. وهو ما يتطلب مكافحة هذه الأساطير من لدن الطرفين. 3. الجلسة الثانية :بعد أن قدم الأستاذ عبد السلام بوطيب برنامج اللقاء، أدار هذه الجلسة الأستاذ إدريس الجبروني والتي كان محورها "التاريخ، الذاكرة السياسية والخطاب الإعلامي".وتناول الكلمة الأستاذ الموساوي العجلاوي (معهد الدراسات الإفريقية بالرباط) موضحا الاختلاف بين الذاكرة والتاريخ من جهة وكيف يقوم الخطاب الإعلامي بمناولتهما مشيرا إلى أشكال الحضور الإسباني في تاريخ وذاكرة المغرب وكيفية تعامل إسبانيا مع المغرب خاصة خلال الحقبة الاستعمارية. كما عرج على ندوة تطوان وردود الأفعال التي روجتها الصحافة مؤكدا على أن قضايا الذاكرة ستظل حاضرة في بناء التعدد والحقوق الفردية والجماعية. وقد أوضح أن الصحافة لها أهميتها من حيث رصد قلق وحرارة المجتمع ونبضه ولها دور أساسي بالنسبة للمؤرخ في رصد هذا النبض سواء كقضايا حقيقية أو مصطنعة.بعد ذلك تناول الكلمة السيد فرانسيسكو فيكَراس رولدان (صحفي مراسل بالتلفزة الإسبانية)؛ حيث تطرق من خلال عمله وانخراطه في جمعية استعادة الذاكرة التاريخية بغرناطة إلى أن الذاكرة المغيبة هي ذاكرة المهزومين من موريسكيين وجمهوريين. وأن الصحافيين لهم مسؤولية كبيرة في مسيرة استعادة هذه الذاكرة المقصية والمطالبة بذلك لأنه دون ذلك لن يستكمل الانتقال الديموقراطي. فعلى غرناطة أن تشجع الحوار وتنخرط فيه باعتباره طبيعة لها دون مبالاة بمن ينعتوننا بأننا حمقى نريد إيقاظ الفتنة. وأشار على البيان الصادر في هذا الشأن والذي وفعه فريدريكو مايور (الرئيس التنفيذي السابق لليونيسكو) إذ لا يمكن أن يتمتع اليهود وحدهم بحق الاعتراف دون باقي سكان غرناطة ... وطالب بمد جسور الثقافة من خلال إطلاق مبادرات من قبيل تدريس اللغة والثقافة العربيتين في المدارس الثانوية وما إلى ذلك.أما الأستاذ حسين مجدوبي (صحفي ومراسل) فقد تناول بالتحليل الخطاب الإسباني تجاه المغرب موضحا أن هذا الخطاب شهد تطورا منذ حرب تطوان إلى غاية بداية الانتقال الديموقراطي بإسبانيا غذ أن كل جريدة كان لها خطابها الخاص الذي مافتئ يتحول على خطاب تاريخي ليصبح جزءا من تاريخ البلدين. وتناولت مداخلته حرب تطوان التي كانت مخرجا من الحروب السابقة التي اختتمت بهزيمة كوبا والإعلان عن غزو إفريقيا؛ حيث عمل الإعلام على قناع الشعب بذلك ... بعدها جاءت حرب الريف حيث كانت مرحلة تصادمات قمتها هزيمة أنوال غطاها على الخصوص صحافيون من مراسلي الحرب. ثم مرحلة ما يمكن تسميته بالمغرب والحروب الأهلية الإسبانية حيث تعاطت الصحف مع المغرب وهو ما أثار مشاكل خاصة بعد استجواب عبد الكريم الخطابي سنة 1922. وهذه التطورات ساهمت في تشكل صورة المغرب في مخيال الإسبان حيث يمكن القول بأن المغرب كان يتأرجح بين صورة مشرقة لدى الفرانكويين وقاتمة لدى الجمهوريين. لهذا علينا بالبحث عن الصحافة الإنتاجية للتقليل من تدهور صورة إسبانيا بالمغرب والعكس لأن علاقات البلدين تقوم على تحسين الصورة وللإعلام دور مهم في ذلك.بينما استهلت الأستاذة إنماكولدا سمولكا (جامعة غرناطة) في مداخلتها القول بأن وسائل الإعلام لا تركز فقط على تقديم المعلومات ولكنها تقوم أيضا بتحليلها وتصنيفها وفقا لخطها التحريري. وقد سجلت في هذا الإطار دور الصحافة المغربية في عملية التغيير السياسي وخاصة الصحافة المستقلة التي أدخلت تغييرا كبيرا في المشهد الإعلامي لا من حيث الموضوعات ولكن كذلك من حيث المعالجة وتناول القضايا المرتبطة بالتحول الديموقراطي وحرية التعبير.4. الجلسة الثالثة :وقد أدراها الأستاذ عبد الفتاح الزين (منسق اللجنة العلمية لمركز الذاكرة المشتركة والمستقبل) والتي كان محورها الصحافة والتصورات الاجتماعية : كيف يمكن للخطاب الصحفي أن يساهم في تقديم الآخر (الإسبان في المغرب والمغاربة في إسبانيا) تصورات متقاطعة".تحدث في البداية الأستاذ دومينغو ديل بينو (صحفي) عن التحولات المهنية التي عرفتها الصحافة وما فرضته الأزمة الحالية على الصحفيين. كما وضح دور الخطاب الإعلامي في الذاكرة التاريخية والتحديات التي تواجهها الصحافة أمام هذه التحولات التي انطلقت على الخصوص منذ سقوط جدار برلين. إذ بدا المسرح العام للصحافة يعرف تقلصا في حريته وكذا على مستوى ملكية وسائل الإعلام والدور المتعاظم للإعلام السمعي البصري والشبكة العنكبوتية ... وأشار على أنه يعمل على إصدار كتاب تحت عنوان "السلطة الرابعة للسلطة الثانية" يوضح فيه تبعية الإعلام للسياسيين وتراجع حرية الرأي والتعبير حتى في الجريدة الرسمية للدولة. وأكد أن حرب كوبا كانت منعرج التفكير والتصور الإسباني حيث ارتبط الفكر العسكري بالفكر الكنسي ...وهو ما أنتج الوضع الذي عاشه كل من المجتمع الإسباني والمغربي. لهذا نصح باشتغال الإعلام خارج أية وصاية. كما أن على المجتمع المدني أن يكون حرا. فدورهما في العلاقة مع الآخر مهم في تجسير العلاقات.أما الأستاذ علي الهاشمي (صحفي وكاتب)، فقد تطرق من خلال بحثه حول الهجرة الذي استجوب فيه نساء من أمريكا اللاتينية إلى كيفية اعتماد الصور النمطية حول الآخر : فالمغربي عندهم تركي. كما أنهن تحدثن عن تحذيرهم من المغاربة ... وتناول دور المثقفين المغاربة في تقريب الهوة بين المجتمعين وتفكيك هذه الصور النمطية. كما أشار إلى كيفية تطبيق القانون المتعلق بالهجرة الذي بدا يشهد تمييزا بين المغاربة والمهاجرين من أوروبا. وبيّن أن الدور الأكبر في التقارب يقع على الصحافية المحلية لأنها الأقرب إلى الجمهور.بينما تناول أيمن الزبير (مراسل قناة الجزيرة) بالتحليل العمل الصحفي في إسبانيا والمغرب من خلال التصورات والنظرات المتقاطعة. وبين أن هناك انحراف في الرؤيا في علاقات الإسبانية مع المغرب وإلا سيتردى الوضع أكثر لأن ما أصبح هاجسا في المقام الأول هو بيع الأخبار. وهكذا تمت مناولة أحداث مدريد الإرهابية للتضييق على المغاربة المهاجرين. وأوضح أنه من الضروري تملك الإعلام للغة المجتمع الذي يشتغل حوله حتى لا تقع أخطاء.. وأشار إلى تراجع أعداد المراسلين الإسبان بالمغرب وما بدأ ينتج بما سماه "رَبْطَطَة" المعلومات من خلال الاكتفاء بالرباط كمصدر وما يدور فيها. واختتم بالحديث عن أهمية التكوين والتكوين المستمر والموضوعية في العمل والانفتاح على مختلف مصادر الخبر بمهنية واحترام لأخلاقيات الإعلام ...5. الجلسة الرابعة :وأدارها الأستاذ عبد السلام الصديقي (جامعة المولي إسماعيل مكناس ). وقد كان محورها "الصورة والكلمة : أهمية ودور الصحفي في تيسير التواصل بين مختلف الثقافات ودوره في إشاعة قيم حقوق الإنسان".وتميزت مداخلة الأستاذ فيران ساليس (جامعة برشلونة) بكيفية اشتغال الصحفي المحترف في معالجة القضايا الشائكة وتحاشي الرقابة من خلال معالجة القضايا من خلال أحداث مشابهة. وأشار في هذا الصدد إلى معالجة أحداث محاكمة الفاشيين بإيطاليا وكذا محاكمة أهالي سطيف بالجزائر بعد انتفاضتهم ضد الاستعمار. ومن خلال ذلك كان يشير الصحفي إلى ما يقع للجمهوريين في الأحداث الرهيبة التي واكبت الحدثين المذكورين. وأوضح أن الصحافة الإسبانية عندما تناول المغرب والبوليزاريو والصراع الإسرائيلي الفلسطيني فإنها تعالج من خلالها الأحداث الداخلية لإسبانيا. فكطالونيا في كل هذا تشكل قاعدة تنطلق منها السياسة الخارجية الإسبانية خاصة مع المغرب. وهو ما فهمته الحكومة المغربية مؤخرا. فهناك في كطالونيا جسور تبنى نحو المغرب.وتناولت مداخلة يولاندا أونكينا (مركز الأبحاث حول العلاقات الدولية ببرشلونة) بالتحليل إدارة الاتصالات بين الثقافات ودور ذلك في النهوض بذاكرة مشتركة. فكل مجتمع يحتاج للآخر الذي ليس بالضرورة عدوا. وأمام تطور أشكال التبادل واللقاء الثقافي، وحيث تشترط المشاكل حلولا لا بد من معرفة ما المراد؟ وكيف يكن العبور نحوه؟ ولهذا ركزت على الاقتراب من التفاعل.بينما تناول الأستاذ رشيد الراحا (رئيس الكونغريس الأمازيغي العالمي) القضايا الأمازيغية في الصحافة المغربية موضحا من خلال استعراض عدد من النماذج الصمت والتحريف الذي يطال الأمازيغ وقضاياهم. وهو ما فسره بالتلاعب بأوضاع المغرب.6. الجلسة الخامسة :وأدارت الجلسة الخاصة بمعالجة ردود الفعل المتعلقة بندوة تطوان من خلال سؤال "ما هي حدود الموضوعية في العمل الصحافي؟" الأستاذة سعيدة بوداغلية (صحفية براديو فاييكاس بمدريد). واستهلت الجلسة بقراءة التقرير التركيبي لندوة تطوان من طرف الأستاذ عبد الفتاح الزين.وكان أول المعلقين على التقرير الأستاذ بوغالب العطار (صحفي باحث) متمنيا العمل على تقريب وجهة النظر بين المغاربة والإسبان؛ إذ هناك إكراهات الثقافة الشخصية والتكوين في العمل الصحفي كمعطيات قبلية غير أن الصحفي المهني والمحترم لمهنته لا يتنازل عن المصداقية والالتزام مع الحقيقة دون تلاعب بالخبر. وبعد أن عرّج على المعطيات التاريخية في العلاقات المغربية الإسبانية وترسبات هذه المعطيات والأحداث، تناول بالتحليل آخر استطلاعات معهد كَالوب التي بينت النظرة التي للإسبان عن المغرب والإسلام بالرغم من عدم معرفة ما يروج بالمغرب على الأخص منذ العهد الجديد. واسترسل في استعراض الصور النمطية حول المغرب التي تتغذى على الجهل بالمغرب. فالتاريخ لا يمكن تخطيه ولكن ينبغي أن تكون هناك رؤيا لا تتشتغل على القضايا الساخنة بعشوائية.أما رفائيل غيريرو (مدير البرنامج الإذاعي "الذاكرة")، فبعد أن أشار إلى كونه مجرد إعلامي يقدم برنامجا في موضوع التاريخ، وقف عند تضارب الآراء حول الأحداث وتناقض المعطيات التي تتم معالجتها من طرف المختصين. وهكذا انطلق في سرد المعلومات والأحداث حول الحرب الأهلية الإسبانية وما عاشه الجمهوريون من رعب وتنكيل ودور المغاربة في جبهتي التحرير والاستعمار وخلص إلى أنه لا يمكن تجاهل الحقائق سواء على مستوى التأريخ أو الممارسات كما هو الأمر في قرار القاضي كَارسون بالثزار. فالأمر لايتعلق بالتعايش، ولكن على الخصوص مواجهة افرهاب وكراهية الآخر كيفما كان مصدرهما وطبيعتهما ودرجتهما ...بينما أوضح بيدرو كناليس (صحفي بجريدة إيل إمبارسيال) أن مناقشتنا بتطوان لم تنته ونحن نواصلها هنا. وهو أمر محمود ومحبذ. وصرح بأن على الغائبين أن يأتوا للإدلاء بآرائهم سواء من حيث التنظيم أو المعالجة ... فالمناقشة المباشرة ضرورية وكفيلة بتجاوز سوء الفهم والتفاهم. فما تروجه بعض وسائل الإعلام يحتاج إلى تدقيق وتمحيص سواء حول المغرب أو إسبانيا ... علينا أن نشتغل في دعم الجسور وحسن التقاط الإشارات التي تخدم تقارب البلدين ...وفي نهاية الجلسة تدخل الأستاذ أنس بن صالح (مراسل قناة الجزيرة بالمغرب) موضحا أن الرهان على العنصر الاقتصادي في التقارب وإن كان ضروريا فإنه غير كاف، وقد جرب ذلك أزنار غير أن عددا من التواترات طفا إلى السطح. فلابد من جرأة سياسية تعمل على تنشيط العلاقات السياسية بين البلدين.وقبل اختتام اللقاء من طرف رئيس المركز، تناول الكلمة السيد لويس ف. كَارسيا ديل مورال كَريدو (نائب رئيس جامعة غرناطة المكلف بالعلاقات الجامعية مع المغرب) مثمنا أشغال اللقاء وداعيا إلى استمرار النقاش حول العلاقات المغربية الإسبانية من أجل مد جسور العلاقات الضامنة لحوار رصين بين مختلف الأطراف من جامعيين وإعلاميين وغيرهم. وصرح بأن على الجامعة أن تلعب الأدوار المنتظرة منها في ذلك. وبعد ذلك ألقى الأستاذ عبد السلام بوطيب كلمة ختامية شكر فيها المشاركين والحاضرين والمؤسسة الأوروبية-العربية للدراسات العليا على استضافتها للقاء.وقد واكب - كما سبقت الإشارة – جمهور ساهم في المناقشة التي أغنت فعاليات هذا اللقاء الدولي. ويمكن إيجاز الأفكار الواردة في المناقشات في صيغة توصيات على الشكل التالي :• فهم أسباب معوقات بناء ذاكرة مشتركة العمل على مراجعة التاريخ المشترك في محاولة لاستعادة الذاكرة والاجتهاد في تجاوز الصور النمطية.• إرساء أسس للحوار على أسس احترام الآخر ودون إقصاء وفق حرية الرأي والتعبير.• تشجيع التنقل بين البلدين لإبراز قيمة التراث المشترك بين البلدين مع تطوير العلاقات الاقتصادية باعتبارها لبنة ضرورية لكنها غير كافية.• القيام بتكوين مستمر لمختلف الفاعلين في المجال الإعلامي لما للعمل الإعلامي من دور في تجسير الهوة بين الشعوب.• المرور إلى أنشطة وبرامج نوعية تعمل على خلق أوراش تساعد على تجسير الهوة بين البلدين ...

viernes, julio 24, 2009

الإعلام وبناء الذاكرة المغربية ـ الإسبانية المشتركة




غرناطة
سعيد نعــــام
احتضنت المؤسسة العربية الأوروبية بمدينة غرناطة الإسبانية مؤخرا، وبمبادرة من مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل، لقاءا دوليا حول موضوع « الخطاب الإعلامي وسبل إعادة بناء الذاكرة المشتركة « نموذج الذاكرة المغربية الإسبانية. وتأتي هذه المبادرة من أجل تناول قضية من بين القضايا المغربية الإسبانية الأكثر حساسية وإثارة للجدل . وقد جاء برنامج اللقاء في خمس محاور، استهل المحورالأول منها والمتعلق بسؤال الذاكرة وتعدد الثقافات، عبد السلام بوطيب رئيس المركز بورقة تعريفية للمؤسسة وأهدافها، وما حققته منذ انطلاق أشغالها. تلاه عرض شريط وثائقي بعنوان « أسطورة غرناطة» لصاحبه حسين مجدوبي عضو المرصد المغربي الإسباني للصحافة . قدمه وسير النقاش حوله مصطفى أقلعي ناصرأستاذ باحث بجامعة باريس، من خلال مداخلات كل من الأساتذة :عبد اللطيف شهبون من جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، ساندرا الروخو باحثة انتروبولوجية بجامعة غرناطة ، محمد السعدي باحث بجامعة محمد الأول بوجدة، ادريس الجبروني مؤرخ وعضو الشبكة الدولية للكتاب باللغة الإسبانية، وأخيرا محجوب بن سعلي صحفي من الجريدة الإلكترونية «أصداء الريف». وتناول المحور الثاني موضوع : التاريخ ـ الذاكرة ـ السياسة والخطاب الإعلامي ، أدار نقاشه ادريس الجبروني من خلال مداخلات الأساتذة : الموساوي العجلاوي باحث بمعهد الدراسات الإفريقية بالرباط ، فرانسيسكو فيغيراس روالدان مراسل التلفزة الإسبانية من غرناطة ، والصحفي حسين المجدوبي ، تلته أسئلة ومداخلات الحاضرين . الصحافة والتصورات الاجتماعية هو العنوان العريض للمحورالثالث في هذا اللقاء. وقد طرح إشكالية الخطاب الإعلامي ودوره في تقديم الآخر: الإسبان في المغرب والمغاربة في إسبانيا ( تصورات متقاطعة ). سيرمائدة النقاش حول الموضوع : عبد الفتاح الزين رئيس اللجنة العلمية للمركز، من خلال مداخلات الأساتذة: دومينكو ديل بينو مراسل سابق بجريدة الباييس بالمغرب ورئيس القسم العربي سابقا بوكالة الانباء الإسبانية « إفي «والصحفي خوصي بيخارانو، عبد العزيزهاشمي باحث وفاعل مدني، بيدروروخو مدير المجلة العربية «الفنار» وأيمن الزوبير مراسل قناة الجزيرة بمدريد. وتناول المحور الرابع موضوع : الصورة والكلمة وأهمية دور الصحفي في تيسيرالتواصل بين مختلف الثقافات، وإشاعة قيم حقوق الإنسان. أدار نقاش الموضوع عبد السلام الصديقي عضوالمركز بمداخلات كل من: الصحفي رشيد الراخا، فيران ساليس أستاذ التواصل بجامعة برشلونة، يولاندا أونكينا منسقة برنامج «ديناميكية الثقافات المتعددة» من مركز الأبحاث حول العلاقات الدولية ببرشلونة . أما المحور الخامس والأخير فقد طرح إشكالية حدود الموضوعية في العمل الصحفي ، وكيفية تفاعل الصحافيين المغاربة والإسبان مع أسئلة الذاكرة المشتركة ( قراءة في التقريرالتركيبي لندوة تطوان حول مساهمة المغاربة في الحرب الأهلية الإسبانية وردود الفعل التي أثارتها هذه الندوة في الوسط الإسباني ) من تقديم عبد الفتاح الزين . أما تسيير نقاش هذا المحور فقد كان من طرف الصحفية المغربية سعيدة بوداغلية من إذاعة «فاييكاس» بمدريد، ومداخلة كل من: رافائيل غيريرو مدير البرنامج الإذاعي « الذاكرة « في كنال سور» والباحث الصحفي بوغالب العطار، و بيدروكاناليس صحفي بجريدة إيل امبسريال. وكانت المداخلة الأخيرة لأنس بن صالح مراسل قناة الجزيرة بالمغرب ، وهي من بين المداخلات القيمة التي لخصت المشهد في قضية الخطاب الإعلامي بين البلدين ، حيث ذكر مراسل الجزيرة أن المسافة بين المغرب وإسبانيا ليست مسافة جغرافية ولا تاريخية ، وإنما هي مسافة ذهنية. وأن البلدين معا محكوم عليهما بمد الجسورمن أجل خلق حوارهادف وجاد من شأنه أن يدلل كل العقبات . وشهدت جلسات اللقاء عدة مشاركات في المحاورالمشارإليها ، ألقاها مغاربة وإسبان على الخصوص ؛ مما ينم عن أهمية الموضوع وحيويته ، وتشابك العلاقات المغربية الإسبانية ، والرغبة في تجاوزمعوقات بناء ذاكرة مشتركة تؤمن الجسور نحو مستقبل أفضل يحررالأجيال المقبلة من تبعات الماضي . فالأمر يتطلب بناء موقف موحد حول كتابة جديدة للوقائع والتاريخ ، بما يفتح الباب لحفظ الذاكرة ومسلسل بنائها ، ضمن مقاربة تشاركية تضمن الحق في الذاكرة ، وتأخذ بعين الاعتبارالأفق التاريخي للتحولات المجتمعية ، والمشروع المستقبلي القائم على ترسيخ العلاقات بين البلدين الجارين واحترام حقوق الإنسان ، والاحترام المتبادل للآخرولثقافته. وعلى الرغم من أهميته ، فإن لقاء غرناطة الإعلامي لم يحظ بما يستحقه من تغطية إعلامية . فقد كان مدرج المؤسسة الأوروبية العربية شبه فارغ . كما لوحظ غياب الصحافة المحلية . مصادر مطلعة صرحت لجريدة «الشمال» أن السبب الرئيسي في مقاطعة اللقاء من طرف بعض الدوائر الإعلامية ومن بعض الأوساط المثقفة في جامعة غرناطة ، هو عدم وضوح الرؤية من أهداف اللقاء وبالأخص الجهة المنظمة والممولة له. إن المركز بمبادرته هذه ـ يقول عبد السلام بوطيب في ختام اللقاء ــ يتوخى العمل من أجل تحريرالأجيال المقبلة من منطق الصراع الموروث عن الأسلاف وعن فترات تاريخية سالفة لازالت تلقي بثقلها على مستقبل الشعبين. فالمركز سيظل فضاءا مفتوحا لكل المبادرات والأعمال التي تنتصر للمستقبل المشترك ولحق الأجيال المقبلة في ذاكرة مشتركة.

martes, julio 07, 2009

تقرير إعلامي حول ندوة:الخطاب الإعلامي وسبل إعادة بناء الذاكرة المشتركة

عبد اللطيف شهبون وإدريس الجبروني ومصطفى أقلعي الناصر و الحسن المجدوبي ومحمد السعدي
يولاندا أونيكنا/ فيران سالس /عبد السلام الصديقي / رشيد الرخا
مصطفى أقلعي الناصر وعبد السلام بوطيب وإدريس الجبروني.
دومينغو ديل بينو و ادريس الجبروني
لويس ف. كَارسيا ديل مورال كَريدو نائب رئيس جامعة غرناطة المكلف بالعلاقات الجامعية مع المغرب
أنس بن صالح ورفائيل غيريرو
تقرير إعلامي حول ندوة:
الخطاب الإعلامي وسبل إعادة بناء الذاكرة المشتركة
نموذج الذاكرة المغربية الإسبانية

غرناطة 23 ـ 24 يونيو2009

تتويجا لسنته الأولي من الوجود الفعلي والعملي ولسلسلة من اللقاء الوطنية والدولية التي انطلقت من مقر الأمم المتحدة بجنيف ، حمل مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل قضاياه إلى مدينة غرناطة بإسبانيا لمحاورة الجسم الصحفي الاسباني والمغربي – المهنيين منهم والمنظرين له - حول الذاكرة المشتركة من خلال الخطاب الإعلامي، والذي بينت أهميته من خلال ندوة تطوان، التي جرت نهاية فبراير وبداية مارس الماضي حول موضوع " أسئلة الذاكرة المشتركة بين المعالجة القانونية القضائية والمعالجة الحقوقية السياسية " ودلك من خلال مشاركة المغاربة في الحرب الأهلية الإسبانية

بعد افتتاح الندوة من لدن رئيس مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل عبد السلام بوطيب واستعراضه صيرورة النشأة والأهداف وصيغ العمل والمنهجية المقترحة من قبل المركز لمعالجة " قلاقل" الذاكرة المشتركة ، قرأت مداخلة الأستاذ العربي المساري ، وقد ساد في قاعة المحاضرات التابع " للمؤسسة العربية الاروبية" صمت عميق عكس اهتمام الحاضرين بما كان يقوله لهم عن بعد أحد كبار الصحفيين المغاربة وأحد كبار من خبر العلاقات بين المغرب والعالم الإيبيري. ولقد لخصت مسيرة الجلسة الافتتاحية ساندرا روخو فلوريس الانتروبولوجية المكسيكية التي تدرس بجامعة غرناطة رسالة-مداخلة العربي المساري قائلة " إنها رسالة مفادها " أن لا مناص من الحوار بين الجيران والذاكرات، وأن في الأمر عمقا إنسانيا وحضاريا."


في بداية الندوة تم عرض فلم وثائقي بعنوان " أسطورة غرناطة" للباحث والصحفي الحسن المجدوبي، و ساهم في نقاش الفلم الأساتذة والصحفيون عبد اللطيف شهبون و ساندرا الروخو ومحمد السعدي وإدريس الجبروني.


دار المحور الثاني حول موضوع " التاريخ والذاكرة السياسية والخطاب الإعلامي" وساهم فيه الأساتذة والصحفيون، الموساوي العجلاوي، أستاذ بمعهد الدراسات الإفريقية بالرباط، وفرانسيسكو فيغيراس رولدان، مراسل التلفزة الإسبانية من غرناطة وعضو جمعية " استرداد الذاكرة"، و أنماكولا سمولكا ، باحثة في العلوم السياسية، والحسين المجدوبي ، باحث وصحفي وعضو المرصد المغربي الإسباني للصحافة، وتمحور النقاش في هذه الجلسة حول علاقة التاريخ بالذاكرة وبالسياسة وبالصحافة.
وتمحورت الجلسة الثالثة حول " الصحافة والتصورات الاجتماعية : كيف يمكن للخطاب الصحافي أن يساهم في تقديم " الآخر " ، ويتعلق الأمر بتصورات متقاطعة، ساهم في هذا النقاش كل دومينغو ديل بينو، مراسل سابق لجريدة البايس بالمغرب، ورئيس سابقا للقسم العربي بوكالة الأنباء الإسبانية ، ثم بيدرو الروخو مدير المجلة العربية "الفنار"، وأيمن الزبير، مراسل قناة الجزيرة بمدريد.


دارت الجلسة الرابعة حول موضوع " أهمية ودور الصحفي في تيسير التواصل بين مختلف الثقافات ودوره في إشاعة قيم حقوق الإنسان"، فقدمت مداخلات رشيد الرخا رئيس الكونغرس العالمي الأمازيغي، وفيران سالس، مراسل سابق لصحيفة " البايس " بالمنطقة المغاربية ، وأستاذ التواصل بجامعة برشلونة، وصاحب آخر كتاب عن الملك محمد السادس. والذي قدم طرحا متميزا في قضية العلاقات المغربية الإسبانية من خلال التعاون الاقتصادي بين الحكومة المحلية لكطالانيا والحكومة المغربية، وأن عددا من القضايا المثارة في هذه الندوة غير مطروحة لدى المجتمع الكاطالاني دون أن يخفي اعجابه الشديد بمشروع المركز وبخطواته رغم قصر عمره.


ولربط النقاش الذي جرى بأعمال ندوة تطوان، قدم الأستاذ عبد الفتاح الزين التقرير التركيبي لهذه الندوة، عقب عليه بعروض كل من رافاييل غيريرو، مدير البرنامج الإذاعي بقناة كنال سور الأندلسية، والصحفي بوغالب العطار وبيدرو كناليس، صحفي بجريدة " إيل امبارسيال" ، وأنس بن صالح ، الصحفي بقناة الجزيرة.


و في ختام الجلسات قدم نائب رئيس جامعة غرناطة المكلف بعلاقة الجامعة بالمغرب عرضا حول أهمية هذه الندوة في بناء حوار بين المغرب والأندلس، ودور الجامعة والباحثين والصحفيين في بلورة نقاش مثمر ومفيد للجانبين. ثم ختم رئيس مركز الذاكرة المشتركة الأستاذ بوطيب أعمال الندوة بالتركيز على الحضور الوازن للجانب الإسباني والمغربي، والمستوى الرفيع للعروض والنقاش، وسجل بكل ارتياح رغبة عدد من الفاعلين الإسبان على الاستمرار في عقد هذه الندوات التي تشكل جوابا لكل من يعرقل الحوار المغربي الإسباني والمصالح المشتركة للبلدين.


يوميات.. عبد اللطيف شهبون

يوميات..


1

عبد اللطيف شهبون
عبد اللطيف شهبون
ـ غرناطة.. 24 يونيه 2009
هل في صدرك نفْسٌ..
في نفسك لحنٌ..
في لحنك رْوحٌ
ورَوْحُ؟
لماذا إذن يتوقف عازفُ نايِك هذا الصباحْ؟
2 ـ شفشاون 27 يونيه 2009
.. في التكريم الذي نظم بمدينة شفشاون لأستاذ الأجيال، الدكتور عباس الجراري، مستشار جلالة الملك محمد السادس، تحدث الدكتور عباس عن علاقته بشفشاون، مضيئا بعض صفاتها من خلال إطلالة على خيوط إنسانية وعُرى ثقافية نسجها والده المرحوم سيدي عبد الله الجراري، مع عالمين جليلين، محمد السفياني والهاشمي السفياني، وهما شقيقان كانت حياتهما على طريقة مثلى من التخلق والفضل والخير.. واستمرا فيها بثوب طاهر حتى توفاهما الله..
عندما اختار الدكتور عباس النظر في شعر الملحون وخدمة مذاهبه الفنية من خلال أطروحته الرائدة «القصيده».. التقى بالعالمين المذكورين.. ففتحا له قلبهما وعرفاه ببعض أسرار هذا الفن الأصيل، لما عرف عنهما من رواية ودارية.. ورغبة في تقديم النصح لمن استنصحهما..
والحق أن الأطروحة الجرارية كانت فتحا مبينا في بابها.. قدمت ذخيرة من النصوص ذات السمات الفنية العالية.. في زمن كان البعض ـ ومازال ـ ينظر إلى هذه البلاغة الشعبية نظرة فيها دونيةٌ وازدراء، دون أن يلتفت «هذا البعض»! إلى ما كتبه ابن خلدون في مقدمته عن هذا الإبداع الذي يتطرق إلى موضوعات متنوعة تتجاوز أحيانا موضوعات الشعر الفصيح.. فقد نظم شعراء الملحون في «ربيعيات» حملت مسميات عديدة من قبيل: «الرياض» «الصبوحي» «الفجر» «الذهبية».. وفي وصفيات جمالية للمرأة حملت أسماء: «زينب» «فاطمة» وغيرهما.. وغراميات وسمت بـ«المحبوب» «المعشوق» «الجار» «المرسول» «الجافي» «الهاجر» «الشمعه»، وحالها حال العاشق في احتراقه وذوبانه وصفرته.. وخمريات صيغت لها عناوين «الداليه» «الكاس» «الساقي» وموضوعات معتادة/مستحدثة في الشعر الفصيح، مثل الشعر المسرحي.. و«جفريات» لامست قضايا اجتماعية وسياسية واطئة و«السُّولان» أو «السّوَال»، وهو نظم لألغاز «وترحيل الشمس» في صيغ نظمية تعليمية.. و«الحسبيه» وهذا داخل في باب رجوع الشيخ إلى صباه.. ومديح نبوي وتوسل بالأولياء..
والكلام عن الملحون قد يجر إلى استطرادات .. (شعر الملحون بشفشاون مثلا) وما أتيت بهذه الإشارات إلا تنويها بموقف أخلاقي وعلمي لأستاذي عباس الجراري في حديثه عن شفشاون وعلمائها وجمالها وفضل روادها.. فإليه مني تحية تقدير ووفاء.

jueves, julio 02, 2009

لقاء دولي حول موضوع "الخطاب الإعلامي وسبل إعادة بناء الذاكرة المشتركة : نموذج الذاكرة المغربية الإسبانية"

محمد السعدى و ا لحسين المجدوبي و إدريس الجبروني و مصطفى أقلعي الناصر وعبد اللطيف شهبون
ساندرا روخو / عبد السلام بوطيب/ مصطفى أقلعي
عبد السلام بوطيب / الموساوي العجلاوي/فرانسيسكو فيكَراس رولدان/ إنماكولادا سمولكا
محمد السعدى و ا لحسين المجدوبي و إدريس الجبروني و مصطفى أقلعي وعبد اللطيف شهبون

انعقد بالمؤسسة الأوروبية-العربية بغرناطة (إسبانيا) لقاء دولي حول موضوع "الخطاب الإعلامي وسبل إعادة بناء الذاكرة المشتركة : نموذج الذاكرة المغربية الإسبانية"؛ حيث دارت أشغال هذا اللقاء يومي 23 و 24 يونيو 2009. وقد جاء هذا اللقاء في سياق الندوة الدولية التي انتظمت بتطوان أيام 26، 27، 28 فبراير و 1 مارس 2009 من أجل معالجة موضوع "أسئلة الذاكرة المشتركة بين المعالجة القانونية القضائية والمعالجة السياسية الحقوقية : نموذج مشاركة المغاربة في الحرب الأهلية الإسبانية"؛ والتي عرفت
ردود أفعال كان من الضروري العمل على وضع أشغال الندوة الدولية المذكورة في سياقها الصحيح ومناقشة تقريرها التركيبي لبناء جسور التواصل والنقاش العلمي الرصين والجاد وتقويتها بما يخدم أهداف المركز والذين يراهنون على بناء ذاكرة مشتركة مغربية إسبانية سواء الأفراد منهم أو المؤسسات خدمة للمجتمعين وللأجيال المقبلة من البلدين بالحق في تسلم إرث لا يرهن المستقبل بتراكمات صراعات الأسلاف وتوترات الماضي. ولهذا ارتأى المركز أنه من المفيد أن يرتكز موضوع هذا اللقاء حول دور الإعلام والفاعلين في حقله سواء المختصين أو المهنيين ومن يدور في فلكهم في سبل استعادة الذاكرة وبنائها على أسس ديموقراطية متينة تحتكم إلى مبادئ حقوق الإنسان وتؤسس لقيم الاحترام والتسامح والإنصاف.وشهد اللقاء الدولي المنعقد بالمؤسسة الأوروبية-العربية بغرناطة مشاركة عدد من الإعلاميين والأكاديمين من مسؤولين وباحثين وكتاب ... سواء من إسبانيا أو المغرب أو بعض الدول الأوروبية.


وقد تميزت المداخلات بتعدد مشاربها المعرفية والفكرية (نظريات الإعلام، نظريات الاتصال، نظرية التلقي، الاتصال/الإعلام الجماهيري ...) وباختلاف مقاربتها وتيماتها (تحليل الخطاب، الثقافة البينية ...) إلى جانب تنوع المحتديات والحقول العلمية التي اشتغلت ضمنها (أنتروبولوجيا، سوسيولوجيا، تاريخ، علوم سياسية ...). كما أن قاعة المحاضرات شهدت حضور نوعيا للجمهور الذي تابع فعاليات اللقاء والذي أبان بمستوى مساهمته على أن هذا اللقاء حقق أهدافه المنشودة وأنه نقطة انطلاق نحو آفاق رحبة وواعدة لإنجاز ورش الذاكرة المشتركة المغربية-الإسبانية.وقد دارت فعاليات هذا اللقاء في ست جلسات. وحتى يمكن أن نعكس نوعيتها، فإننا نقترح تلخيص أشغالها على الشكل التالي :1. الجلسة الافتتاحية : ترأسها الأستاذ عبد السلام بوطيب (رئيس مركز الذاكرة المشتركة والمستقبل) والذي افتتح أشغال هذا اللقاء بكلمة ترحيبية ذكّر فيها بظروف نشأة المركز ونوعية مؤسسيه وما أنجزه من أعمال وأنشطة؛ حيث وقف بالخصوص عند ندوة تطوان الدولية المذكورة أعلاه محللا خلاصاتها دون إغفال الإشارة إلى آخر لقاء عقده مع الأحزاب المغربية بالرباط حول حضور الملف المغربي الإسباني في الأجندة السياسية لهذه الأحزاب وما تمخض عن ذلك من توصيات. ثم تناولت الكلمة الأستاذة صاندرا روخو فلوريس (جامعة غرناطة) لقراءة العرض الافتتاحي للأستاذ العربي المساري (كاتب وصحفي/ وزير الإعلام سابقا) الذي تعذر عليه الحضور لطارئ صحي. وقد تناول هذا العرض بالتحليل وسائل الإعلام والذاكرة المشتركة مشيرا إلى أن الصحافة سجل للقضايا المطروحة ولهذا فإن عليها التبليغ بشكل صحيح حتى إذا ما اعتمدناها ساعدتنا على فهم الماضي الذي لا مناص من العودة إليه ... كما أوضح أن الذكريات تتراوح بين السيء والجيد حيث الأحداث تترك وشمها فيها. ولهذا فإنها تشتغل بحسب الإضافات التي تصبغها على الاختلافات الثقافية ... على أنه مطلوب من الصحفي في هذا المجال أن يتوخى الدقة والتحري احتراما للأخلاقيات المهنية دون خلط بين التأمل السياسي والرغبة في تعديل الذاكرة وبين الصراع حول السوق ... وخلص على أن الصحفيين والإعلاميين عموما يواجهون تحديات كبرى على عدد من المستويات ... مقترحا عقد لقاءات دورية بين الإعلاميين لمناقشة الصور المبتذلة والنمطية كما هو عليه الأمر في لقاءات الإعلاميين الأوروبيين النقابة الوطنية للصحافة المغربية.2. الجلسة الأولى : أدارها الأستاذ مصطفى أقلعي (جامعة غرناطة) والتي كان محورها "الذاكرة المشتركة وسؤال تعدد الثقافات" والذي تم تناوله من خلال عرض ومناقشة الفيلم الوثائقي "أسطورة غرناطة" ا لحسين المجدوبي (صحفي) الذي سلط الضوء على الحضارات التي توافدت على غرناطة وكيف جرى طرد الموريسكيين منها في الماضي، والذين ظلوا ماثلين في مخيلة الإسبان منذ ذلك التاريخ حتى عودتهم مع ظاهرة الهجرة منذ الثمانينيات. عودة المسلمين هذه وخاصة المغاربة، كما يبرز ذلك هذا الفيلم الوثائقي، جعل بعض المسيحيين يؤمنون بأسطورة استعادة العرب للمدينة والأندلس. لكن هذه العودة تؤكد أن غرناطة تستعيد جزءا فقدته في الماضي بسبب محاكم التفتيش وتتحول إلى محتضنة لمختلف الثقافات والديانات حيث تسمو روح التسامح على أي تطرف مهما كان نوعه.وقد أشار رئيس الجلسة إلى أنه حصل على عدة جوائز بعدد من دول أمريكا اللاتينية معتبرا أنه يشكل أرضية للحوار في فهم معوقات بناء الذاكرة المشتركة. كما تقدم بقراءة لهذا الفيلم كل من السادة الأساتذة محمد السعدى (جامعة الحسن الأول بوجدة) وعبد اللطيف شهبون (جامعة عبد المالك السعدي بتطوان) وإدريس الجبروني (كات و باحث)؛ حيث بينوا أن هذا الفيلم ليس أسطورة ولكنه استعرض محطات تاريخية حول من خلال القبض على المشترك الحضاري الذي ارتكزت عليه غرناطة في صناعة مجدها ونحت شخصيتها. إذ وقفوا عند التعددية الثقافية التي كانت روح غرناطة والأندلس والذي يجب أن يتحول إلى حوار بين مكونات هذه التعددية وعلى رأسها المغرب وإسبانيا لأنه قدرهما التاريخي ماضيا وحاضرا ومستقبلا من خلال بناء قواعد جديدة تقطع مع منطق الأسلاف ونزعة الانتصار مقابل الاحتكام إلى قيم الاحترام المتبادل والنهوض بثقافة المغفرة والعفو والتسامح. فالفيلم مرافعة فكرية في قالب فني حول جهلنا المشترك؛ إذ يقطع ما تحاول عدد من وسائل الإعلام التي تركز على ما هو سيء ومسيئ للآخر من خلال نظرية المؤامرة التي تصور غالبا الإسلام والمغاربة من خلاله إلى تهديد مع ما يثير ذلك من تأجيج للأحقاد والتوترات بين الدولتين والمجتمعين المغربي والإسباني. وهو ما يتطلب مكافحة هذه الأساطير من لدن الطرفين. 3. الجلسة الثانية :بعد أن قدم الأستاذ عبد السلام بوطيب برنامج اللقاء، أدار هذه الجلسة الأستاذ إدريس الجبروني والتي كان محورها "التاريخ، الذاكرة السياسية والخطاب الإعلامي".وتناول الكلمة الأستاذ الموساوي العجلاوي (معهد الدراسات الإفريقية بالرباط) موضحا الاختلاف بين الذاكرة والتاريخ من جهة وكيف يقوم الخطاب الإعلامي بمناولتهما مشيرا إلى أشكال الحضور الإسباني في تاريخ وذاكرة المغرب وكيفية تعامل إسبانيا مع المغرب خاصة خلال الحقبة الاستعمارية. كما عرج على ندوة تطوان وردود الأفعال التي روجتها الصحافة مؤكدا على أن قضايا الذاكرة ستظل حاضرة في بناء التعدد والحقوق الفردية والجماعية. وقد أوضح أن الصحافة لها أهميتها من حيث رصد قلق وحرارة المجتمع ونبضه ولها دور أساسي بالنسبة للمؤرخ في رصد هذا النبض سواء كقضايا حقيقية أو مصطنعة.بعد ذلك تناول الكلمة السيد فرانسيسكو فيكَراس رولدان (صحفي مراسل بالتلفزة الإسبانية)؛ حيث تطرق من خلال عمله وانخراطه في جمعية استعادة الذاكرة التاريخية بغرناطة إلى أن الذاكرة المغيبة هي ذاكرة المهزومين من موريسكيين وجمهوريين. وأن الصحافيين لهم مسؤولية كبيرة في مسيرة استعادة هذه الذاكرة المقصية والمطالبة بذلك لأنه دون ذلك لن يستكمل الانتقال الديموقراطي. فعلى غرناطة أن تشجع الحوار وتنخرط فيه باعتباره طبيعة لها دون مبالاة بمن ينعتوننا بأننا حمقى نريد إيقاظ الفتنة. وأشار على البيان الصادر في هذا الشأن والذي وفعه فريدريكو مايور (الرئيس التنفيذي السابق لليونيسكو) إذ لا يمكن أن يتمتع اليهود وحدهم بحق الاعتراف دون باقي سكان غرناطة ... وطالب بمد جسور الثقافة من خلال إطلاق مبادرات من قبيل تدريس اللغة والثقافة العربيتين في المدارس الثانوية وما إلى ذلك.أما الأستاذ حسين مجدوبي (صحفي ومراسل) فقد تناول بالتحليل الخطاب الإسباني تجاه المغرب موضحا أن هذا الخطاب شهد تطورا منذ حرب تطوان إلى غاية بداية الانتقال الديموقراطي بإسبانيا غذ أن كل جريدة كان لها خطابها الخاص الذي مافتئ يتحول على خطاب تاريخي ليصبح جزءا من تاريخ البلدين. وتناولت مداخلته حرب تطوان التي كانت مخرجا من الحروب السابقة التي اختتمت بهزيمة كوبا والإعلان عن غزو إفريقيا؛ حيث عمل الإعلام على قناع الشعب بذلك ... بعدها جاءت حرب الريف حيث كانت مرحلة تصادمات قمتها هزيمة أنوال غطاها على الخصوص صحافيون من مراسلي الحرب. ثم مرحلة ما يمكن تسميته بالمغرب والحروب الأهلية الإسبانية حيث تعاطت الصحف مع المغرب وهو ما أثار مشاكل خاصة بعد استجواب عبد الكريم الخطابي سنة 1922. وهذه التطورات ساهمت في تشكل صورة المغرب في مخيال الإسبان حيث يمكن القول بأن المغرب كان يتأرجح بين صورة مشرقة لدى الفرانكويين وقاتمة لدى الجمهوريين. لهذا علينا بالبحث عن الصحافة الإنتاجية للتقليل من تدهور صورة إسبانيا بالمغرب والعكس لأن علاقات البلدين تقوم على تحسين الصورة وللإعلام دور مهم في ذلك.بينما استهلت الأستاذة إنماكولدا سمولكا (جامعة غرناطة) في مداخلتها القول بأن وسائل الإعلام لا تركز فقط على تقديم المعلومات ولكنها تقوم أيضا بتحليلها وتصنيفها وفقا لخطها التحريري. وقد سجلت في هذا الإطار دور الصحافة المغربية في عملية التغيير السياسي وخاصة الصحافة المستقلة التي أدخلت تغييرا كبيرا في المشهد الإعلامي لا من حيث الموضوعات ولكن كذلك من حيث المعالجة وتناول القضايا المرتبطة بالتحول الديموقراطي وحرية التعبير.4. الجلسة الثالثة :وقد أدراها الأستاذ عبد الفتاح الزين (منسق اللجنة العلمية لمركز الذاكرة المشتركة والمستقبل) والتي كان محورها الصحافة والتصورات الاجتماعية : كيف يمكن للخطاب الصحفي أن يساهم في تقديم الآخر (الإسبان في المغرب والمغاربة في إسبانيا) تصورات متقاطعة".تحدث في البداية الأستاذ دومينغو ديل بينو (صحفي) عن التحولات المهنية التي عرفتها الصحافة وما فرضته الأزمة الحالية على الصحفيين. كما وضح دور الخطاب الإعلامي في الذاكرة التاريخية والتحديات التي تواجهها الصحافة أمام هذه التحولات التي انطلقت على الخصوص منذ سقوط جدار برلين. إذ بدا المسرح العام للصحافة يعرف تقلصا في حريته وكذا على مستوى ملكية وسائل الإعلام والدور المتعاظم للإعلام السمعي البصري والشبكة العنكبوتية ... وأشار على أنه يعمل على إصدار كتاب تحت عنوان "السلطة الرابعة للسلطة الثانية" يوضح فيه تبعية الإعلام للسياسيين وتراجع حرية الرأي والتعبير حتى في الجريدة الرسمية للدولة. وأكد أن حرب كوبا كانت منعرج التفكير والتصور الإسباني حيث ارتبط الفكر العسكري بالفكر الكنسي ...وهو ما أنتج الوضع الذي عاشه كل من المجتمع الإسباني والمغربي. لهذا نصح باشتغال الإعلام خارج أية وصاية. كما أن على المجتمع المدني أن يكون حرا. فدورهما في العلاقة مع الآخر مهم في تجسير العلاقات.أما الأستاذ علي الهاشمي (صحفي وكاتب)، فقد تطرق من خلال بحثه حول الهجرة الذي استجوب فيه نساء من أمريكا اللاتينية إلى كيفية اعتماد الصور النمطية حول الآخر : فالمغربي عندهم تركي. كما أنهن تحدثن عن تحذيرهم من المغاربة ... وتناول دور المثقفين المغاربة في تقريب الهوة بين المجتمعين وتفكيك هذه الصور النمطية. كما أشار إلى كيفية تطبيق القانون المتعلق بالهجرة الذي بدا يشهد تمييزا بين المغاربة والمهاجرين من أوروبا. وبيّن أن الدور الأكبر في التقارب يقع على الصحافية المحلية لأنها الأقرب إلى الجمهور.بينما تناول أيمن الزبير (مراسل قناة الجزيرة) بالتحليل العمل الصحفي في إسبانيا والمغرب من خلال التصورات والنظرات المتقاطعة. وبين أن هناك انحراف في الرؤيا في علاقات الإسبانية مع المغرب وإلا سيتردى الوضع أكثر لأن ما أصبح هاجسا في المقام الأول هو بيع الأخبار. وهكذا تمت مناولة أحداث مدريد الإرهابية للتضييق على المغاربة المهاجرين. وأوضح أنه من الضروري تملك الإعلام للغة المجتمع الذي يشتغل حوله حتى لا تقع أخطاء. وأشار إلى تراجع أعداد المراسلين الإسبان بالمغرب وما بدأ ينتج بما سماه "رَبْطَطَة" المعلومات من خلال الاكتفاء بالرباط كمصدر وما يدور فيها. واختتم بالحديث عن أهمية التكوين والتكوين المستمر والموضوعية في العمل والانفتاح على مختلف مصادر الخبر بمهنية واحترام لأخلاقيات الإعلام ...5. الجلسة الرابعة :وأدارها الأستاذ عبد السلام الصديقي (جامعة المولي إسماعيل مكناس ). وقد كان محورها "الصورة والكلمة : أهمية ودور الصحفي في تيسير التواصل بين مختلف الثقافات ودوره في إشاعة قيم حقوق الإنسان".وتميزت مداخلة الأستاذ فيران ساليس (جامعة برشلونة) بكيفية اشتغال الصحفي المحترف في معالجة القضايا الشائكة وتحاشي الرقابة من خلال معالجة القضايا من خلال أحداث مشابهة. وأشار في هذا الصدد إلى معالجة أحداث محاكمة الفاشيين بإيطاليا وكذا محاكمة أهالي سطيف بالجزائر بعد انتفاضتهم ضد الاستعمار. ومن خلال ذلك كان يشير الصحفي إلى ما يقع للجمهوريين في الأحداث الرهيبة التي واكبت الحدثين المذكورين. وأوضح أن الصحافة الإسبانية عندما تناول المغرب والبوليزاريو والصراع الإسرائيلي الفلسطيني فإنها تعالج من خلالها الأحداث الداخلية لإسبانيا. فكطالونيا في كل هذا تشكل قاعدة تنطلق منها السياسة الخارجية الإسبانية خاصة مع المغرب. وهو ما فهمته الحكومة المغربية مؤخرا. فهناك في كطالونيا جسور تبنى نحو المغرب.وتناولت مداخلة يولاندا أونكينا (مركز الأبحاث حول العلاقات الدولية ببرشلونة) بالتحليل إدارة الاتصالات بين الثقافات ودور ذلك في النهوض بذاكرة مشتركة. فكل مجتمع يحتاج للآخر الذي ليس بالضرورة عدوا. وأمام تطور أشكال التبادل واللقاء الثقافي، وحيث تشترط المشاكل حلولا لا بد من معرفة ما المراد؟ وكيف يكن العبور نحوه؟ ولهذا ركزت على الاقتراب من التفاعل.بينما تناول الأستاذ رشيد الراحا (رئيس الكونغريس الأمازيغي العالمي) القضايا الأمازيغية في الصحافة المغربية موضحا من خلال استعراض عدد من النماذج الصمت والتحريف الذي يطال الأمازيغ وقضاياهم. وهو ما فسره بالتلاعب بأوضاع المغرب.6. الجلسة الخامسة :وأدارت الجلسة الخاصة بمعالجة ردود الفعل المتعلقة بندوة تطوان من خلال سؤال "ما هي حدود الموضوعية في العمل الصحافي؟" الأستاذة سعيدة بوداغلية (صحفية براديو فاييكاس بمدريد). واستهلت الجلسة بقراءة التقرير التركيبي لندوة تطوان من طرف الأستاذ عبد الفتاح الزين.وكان أول المعلقين على التقرير الأستاذ بوغالب العطار (صحفي باحث) متمنيا العمل على تقريب وجهة النظر بين المغاربة والإسبان؛ إذ هناك إكراهات الثقافة الشخصية والتكوين في العمل الصحفي كمعطيات قبلية غير أن الصحفي المهني والمحترم لمهنته لا يتنازل عن المصداقية والالتزام مع الحقيقة دون تلاعب بالخبر. وبعد أن عرّج على المعطيات التاريخية في العلاقات المغربية الإسبانية وترسبات هذه المعطيات والأحداث، تناول بالتحليل آخر استطلاعات معهد كَالوب التي بينت النظرة التي للإسبان عن المغرب والإسلام بالرغم من عدم معرفة ما يروج بالمغرب على الأخص منذ العهد الجديد. واسترسل في استعراض الصور النمطية حول المغرب التي تتغذى على الجهل بالمغرب. فالتاريخ لا يمكن تخطيه ولكن ينبغي أن تكون هناك رؤيا لا تتشتغل على القضايا الساخنة بعشوائية.أما رفائيل غيريرو (مدير البرنامج الإذاعي "الذاكرة")، فبعد أن أشار إلى كونه مجرد إعلامي يقدم برنامجا في موضوع التاريخ، وقف عند تضارب الآراء حول الأحداث وتناقض المعطيات التي تتم معالجتها من طرف المختصين. وهكذا انطلق في سرد المعلومات والأحداث حول الحرب الأهلية الإسبانية وما عاشه الجمهوريون من رعب وتنكيل ودور المغاربة في جبهتي التحرير والاستعمار وخلص إلى أنه لا يمكن تجاهل الحقائق سواء على مستوى التأريخ أو الممارسات كما هو الأمر في قرار القاضي كَارسون بالثزار. فالأمر لايتعلق بالتعايش، ولكن على الخصوص مواجهة افرهاب وكراهية الآخر كيفما كان مصدرهما وطبيعتهما ودرجتهما ...بينما أوضح بيدرو كناليس (صحفي بجريدة إيل إمبارسيال) أن مناقشتنا بتطوان لم تنته ونحن نواصلها هنا. وهو أمر محمود ومحبذ. وصرح بأن على الغائبين أن يأتوا للإدلاء بآرائهم سواء من حيث التنظيم أو المعالجة ... فالمناقشة المباشرة ضرورية وكفيلة بتجاوز سوء الفهم والتفاهم. فما تروجه بعض وسائل الإعلام يحتاج إلى تدقيق وتمحيص سواء حول المغرب أو إسبانيا ... علينا أن نشتغل في دعم الجسور وحسن التقاط الإشارات التي تخدم تقارب البلدين ...وفي نهاية الجلسة تدخل الأستاذ أنس بن صالح (مراسل قناة الجزيرة بالمغرب) موضحا أن الرهان على العنصر الاقتصادي في التقارب وإن كان ضروريا فإنه غير كاف، وقد جرب ذلك أزنار غير أن عددا من التواترات طفا إلى السطح. فلابد من جرأة سياسية تعمل على تنشيط العلاقات السياسية بين البلدين.وقبل اختتام اللقاء من طرف رئيس المركز، تناول الكلمة السيد لويس ف. كَارسيا ديل مورال كَريدو (نائب رئيس جامعة غرناطة المكلف بالعلاقات الجامعية مع المغرب) مثمنا أشغال اللقاء وداعيا إلى استمرار النقاش حول العلاقات المغربية الإسبانية من أجل مد جسور العلاقات الضامنة لحوار رصين بين مختلف الأطراف من جامعيين وإعلاميين وغيرهم. وصرح بأن على الجامعة أن تلعب الأدوار المنتظرة منها في ذلك. وبعد ذلك ألقى الأستاذ عبد السلام بوطيب كلمة ختامية شكر فيها المشاركين والحاضرين والمؤسسة الأوروبية-العربية للدراسات العليا على استضافتها للقاء.وقد واكب - كما سبقت الإشارة – جمهور ساهم في المناقشة التي أغنت فعاليات هذا اللقاء الدولي. ويمكن إيجاز الأفكار الواردة في المناقشات في صيغة توصيات على الشكل التالي :• فهم أسباب معوقات بناء ذاكرة مشتركة العمل على مراجعة التاريخ المشترك في محاولة لاستعادة الذاكرة والاجتهاد في تجاوز الصور النمطية.• إرساء أسس للحوار على أسس احترام الآخر ودون إقصاء وفق حرية الرأي والتعبير.• تشجيع التنقل بين البلدين لإبراز قيمة التراث المشترك بين البلدين مع تطوير العلاقات الاقتصادية باعتبارها لبنة ضرورية لكنها غير كافية.• القيام بتكوين مستمر لمختلف الفاعلين في المجال الإعلامي لما للعمل الإعلامي من دور في تجسير الهوة بين الشعوب.• المرور إلى أنشطة وبرامج نوعية تعمل على خلق أوراش تساعد على تجسير الهوة بين البلدين ...