حرب الغاز : الصراع على سورية و الشرق الأوسط
الربيع العربي - حرب الغاز - ناصر قنديل
يحتاج الحدث في المنطقة إلى عقول تتجاوز التحليلات
الآنية التي تغص بها إحداثيات العمل الإعلامي الذي يُعنى (بالماكرو) سياسة على
حساب (الميكرو) سياسة.. إلا أنه لم يكن استهداف الشرق الأوسط بهذا الحجم من الصراع
الدولي.. ببعيد من الصراع على الغاز في العالم والشرق الأوسط.
ففي وقت بدا فيه أن ثمة تداعياً في دول اليورو وسط أزمة
اقتصادية أميركية بالغة الدقة أوصلت أميركا إلى حجم دين عام مقداره 14.94 تريليون
دولار.. أي بنسبة 99.6% من الناتج الإجمالي.. في وقت وصل فيه النفوذ الأميركي إلى
حد ضعيف جداً في مواجهة قوى صاعدة كالصين والهند والبرازيل بات واضحاً أن البحث عن
مكمن القوة لم يعد في الترسانات العسكرية النووية وغير النووية.. إنما هناك … حيث
توجد الطاقة. وهنا بدأ الصراع الروسي – الأميركي يتجلى في أبرز عناصره.
لقد تلمس الروس بعد سقوط الاتحاد السوفياتي أن الصراع
على التسلح قد أنهكهم وسط غياب عن عوالم الطاقة الضرورية لأي دولة صناعية.. فيما
كان الأميركيون يتحركون في مناطق النفط عبر عقود عدة مكنتهم من النمو ومن السيطرة
على القرار السياسي الدولي بلا منازعات كبيرة. ولهذا تحرك الروس باتجاه مكامن
الطاقة (النفط والغاز). وعلى اعتبار أن القسمة الدولية لا تحتمل المنافسة في
قطاعات النفط كثيراً.. عملت موسكو على السعي إلى ما يشبه (احتكار) الغاز في مناطق
إنتاجها أو نقلها وتسويقها على نطاق واسع.
خريطة خطوط الطاقة في المنطقة
خريطة خطوط الطاقة في المنطقة
كانت البداية عام 1995 حين رسم بوتين استراتيجية شركة
غاز بروم لتتحرك في نطاق وجود الغاز من روسيا فأذربيجان فتركمانستان فإيران
(للتسويق) وصولاً إلى منطقة الشرق الأوسط (أخيراً).. وكان من المؤكد أن مشروعي
السيل الشمالي والسيل الجنوبي سيكونان وسام الاستحقاق التاريخي على صدر فلاديمير
بوتين من أجل عودة روسيا إلى المسرح العالمي ومن أجل إحكام السيطرة على الاقتصاد
الأوروبي الذي سيعتمد لعقود على الغاز بديلاً من النفط أو بالتوازي معه.. ولكن
بأولوية أكبر لصالح الأول. وهنا كان على واشنطن أن تسارع إلى تصميم مشروعها
الموازي (نابوكو) لينافس المشروع الروسي على قسمة دولية.. على أساسها ستتحدد آفاق
القرن المقبل سياسياً واستراتيجياً.
يشكل الغاز فعلياً مادة الطاقة الرئيسة في القرن الواحد والعشرين سواء من حيث البديل الطاقي لتراجع احتياطي النفط عالمياً أم من حيث الطاقة النظيفة. ولهذا.. فإن السيطرة على مناطق الاحتياطي (الغازي) في العالم تعتبر بالنسبة للقوى القديمة والحديثة أساس الصراع الدولي في تجلياته الإقليمية.
يشكل الغاز فعلياً مادة الطاقة الرئيسة في القرن الواحد والعشرين سواء من حيث البديل الطاقي لتراجع احتياطي النفط عالمياً أم من حيث الطاقة النظيفة. ولهذا.. فإن السيطرة على مناطق الاحتياطي (الغازي) في العالم تعتبر بالنسبة للقوى القديمة والحديثة أساس الصراع الدولي في تجلياته الإقليمية.
واضح أن روسيا قد قرأت الخارطة وتعلمت الدرس جيداً..
فسقوط الاتحاد السوفياتي كان بسبب غياب موارد الطاقة العالمية عن سيطرته.. لتضخ
إلى البنى الصناعية المال والطاقة.. وبالتالي البقاء. ولذلك تعلمت أن لغة الطاقة
الآتية إلى القرن الواحد والعشرين على الأقل هي لغة الغاز.
بقراءة أولية لخارطة الغاز نراها تتموضع في المناطق التالية من حيث الكم والقدرة على الوصول إلى مناطق الاستهلاك:
1. روسيا.. انطلاقاً من
فيبورغ (Vyborg) وبيري
غوفيا (Beregovya).
2. الملحق الروسي:
تركمانستان.
3. المحيط الروسي القريب
والأبعد: أذربيجان وإيران.
4. المقنوص من روسيا:
جورجيا.
5. منطقة شرق المتوسط
(سورية ولبنان).
6. قطر ومصر.
على هذا سارعت موسكو للعمل على خطين استراتيجيين: الأول.. التأسيس لقرن روسي – صيني (شنغهايي) يقوم على أساس النمو الاقتصادي لكتلة شنغهاي من ناحية.. والسيطرة على منابع الغاز من ناحية أخرى.. وبناء عليه.. فقد أسست لمشروعين أولهما هو مشروع السيل الجنوبي.. وثانيهما هو مشروع السيل الشمالي.. وذلك في مواجهة مشروع أمريكي لاقتناص غاز البحر الأسود وغاز أذربيجان؛ وهو مشروع نابوكو.
سباق استراتيجي بين مشروعين للسيطرة على أوروبا من ناحية وعلى مصادر الغاز من ناحية أخرى:
§ المشروع
الأميركي نابوكو: ومركزه آسيا الوسطى والبحر الأسود ومحيطه.. فيما موقعه المخزِّن
هو (تركيا) ومساره منها إلى بلغاريا فرومانيا ثم هنغاريا فالتشيك وكرواتيا
وسلوفينيا فإيطاليا. وكان من المقرر أن يمر باليونان.. إلا أنه تم غض الطرف عن هذا
كرمى لتركيا.
§ المشروع
الروسي في شقيه الشمالي والجنوبي والذي يقطع الطريق عبر التالي:
1. أ- السيل الشمالي: وينتقل من
روسيا إلى ألمانيا مباشرة.. ومن فاينبرغ إلى ساسنيتز عبر بحر البلطيق دون المرور
ببيلاروسيا.. وهو ما خفف الضغط الأميركي عليها.
2. ب- السيل الجنوبي: ويمر من
روسيا إلى البحر الأسود فبلغاريا ويتفرع إلى اليونان فجنوب إيطاليا وإلى هنغاريا
فالنمسا.
المفروض أن مشروع نابوكو كان من المقرر أن يسابق
المشروعين الروسيين.. إلا أن الأوضاع التقنية قد أخرت المشروع إلى عام 2017 بعد أن
كان مقرراً عام 2014.. ما جعل السباق محسوماً لصالح روسيا.. في هذه المرحلة بالذات..ما
يستدعي البحث عن مناطق دعم رديفة لكل من المشروعين وتتمثل في:
1. الغاز الإيراني الذي
تصر الولايات المتحدة على أن يكون رديفاً لغاز نابوكو ليمر في خط مواز لغاز جورجيا
(وإن أمكن أذربيجان) إلى نقطة التجمع في أرضروم (Erzurum) في تركيا.
2. غاز منطقة شرق المتوسط
(سورية ولبنان وإسرائيل).
3. خط الغاز المقبل من
الربع الخالي السعودي الذي لا طريق له إلا سورية.
4. خط الغاز القطري الذي
لا طريق له نحو أوروبا إلا سورية أيضاً والذي يجب منع مروره لأنه عتلة المنافسة
الأميركية لسيطرة روسيا على عصر الغاز.
وبالقرار الذي اتخذته إيران ووقعت اتفاقياته لنقل الغاز عبر العراق إلى سورية في شهر يوليو 2011 تصبح سورية هي بؤرة منطقة التجميع والإنتاج بالتضافر مع الاحتياطي اللبناني.. وهو فضاء استراتيجي – طاقي يُفتح لأول مرة جغرافياً من إيران إلى العراق إلى سورية فلبنان. وهو ما كان من الممنوعات غيرالمسموح بها لسنين طويلة خلت؛ الأمر الذي يفسر حجم الصراع على سورية ولبنان في هذه المرحلة وبروز دور لفرنسا التي تعتبر منطقة شرق المتوسط منطقة نفوذ تاريخية ومصالح لا تموت.. وهو دور ينسجم مع طبيعة الغياب الفرنسي منذ الحرب العالمية الثانية ما يعني أن فرنسا تريد أن يكون لها دور في عالم (الغاز) حيث اقتطعت لنفسها بوليصة تأمين صحي بخصوصه في ليبيا وتريد بوليصة تأمين على الحياة به في كل من سورية ولبنان
.
في هذا الوقت.. تشعر تركيا انها ستضيع في بحر صراع الغاز
طالما أن مشروع نابوكو متأخر.. ومشروعا السيل الشمالي والسيل الجنوبي يستبعدانها..
فيما غاز شرق المتوسط قد بات بعيداً من نفوذ نابوكو وبالتالي تركيا.
تاريخ اللعبة
---------------
من أجل مشروع السيل الشمالي والسيل الجنوبي أسست موسكو شركة غاز بروم في أوائل النصف الأول من تسعينيات القرن العشرين. واللافت أن ألمانيا التي تريد أن تخلع عنها أسوار ما بعد الحرب العالمية الثانية.. قد هيأت نفسها لتكون طرفاً وشريكاً لهذا المشروع.. إن من حيث التأسيس أو من حيث مآل الأنبوب الشمالي أو من حيث مخازن السيل الجنوبي التي تقع في المحيط الجرماني وتحديداً النمسا.
من أجل مشروع السيل الشمالي والسيل الجنوبي أسست موسكو شركة غاز بروم في أوائل النصف الأول من تسعينيات القرن العشرين. واللافت أن ألمانيا التي تريد أن تخلع عنها أسوار ما بعد الحرب العالمية الثانية.. قد هيأت نفسها لتكون طرفاً وشريكاً لهذا المشروع.. إن من حيث التأسيس أو من حيث مآل الأنبوب الشمالي أو من حيث مخازن السيل الجنوبي التي تقع في المحيط الجرماني وتحديداً النمسا.
غاز بروم
----------
تأسست شركة غاز بروم بالتعاون مع صديق ألماني لموسكو يدعى (هانز جوشيم غوينغ) الذي شغل منصب نائب رئيس سابق لشركة صناعة الغاز والنفط الألماني وهو الذي أشرف على بناء شبكة خطوط الأنابيب التابعة لشركة (GDR). وقد ترأس غاز بروم (حتى شهر تشرين الأول/أوكتوبر 2011) فلاديمير كوتينيف (وهو سفير روسي سابق في ألمانيا).
وقد وقعت الشركة صفقات نوعية ومريحة جداً مع شركات ألمانية وعلى رأسها الشركات المتعاونة مع السيل الشمالي كشركة(E.ON)العملاقة للطاقة وشركة (BASF)العملاقة للكيميائيات.. حيث تأخذ شركة (E.ON) تفضيلات لشراء كمية من الغاز على حساب شركة غاز بروم عندما ترتفع أسعار الغاز.. ما يعتبر بمثابة دعم (سياسي) لشركات الطاقة الألمانية.
وقد استفادت موسكو من تحرر أسواق الغاز الأوروبية من الاحتكار لإرغام تلك الأسواق على فك الارتباط بين شبكات التوزيع ومنشآت الإنتاج. هذا الاشتباك بين روسيا وبرلين يطوي صفحة من العداء التاريخي ليرسم صفحة أخرى من التعاون على أساس الاقتصاد.. والتنصل من ثقل تنوء به ألمانيا وهو ثقل أوروبا المتخمة بالديون والتابعة للولايات المتحدة.. فيما ترى ألمانيا أن المجموعة الجرمانية (ألمانيا والنمسا والتشيك وسويسرا) هي الأولى بأن تشكل نواة أوروبة لا أن تتحمل النتائج المترتبة على قارة عجوز وعملاق آخر يتهاوى.
وتشمل مشاريع غاز بروم المشتركة مع ألمانيا مشروع وين غاز المشترك مع وينترشال أحد فروع (BASF) وهي أكبر منتج للنفط والغاز في ألمانيا وتسيطر على 18% من سوق الغاز.. حيث نالت ألمانيا حصصاً غير مسبوقة في الأصول الروسية؛ إذ تسيطر شركتا (BASF) و (E.ON) على ربع حقول غاز يوزنو –روسكويا التي ستقدم معظم الإمدادات لمشروع السيل الشمالي في وقت ليس من قبيل الصدفة أو مجرد المحاكاة أن تكون نظيرة غاز بروم الروسية في ألمانيا تدعى غاز بروم الجرمانية التي توسع مجالها لتمتلك 40% من شركة (Centrex) النمساوية المخصصة لخزن الغاز والتي لها في قبرص امتداد نوعي.. حيث لا يبدو أن تركيا ستكون راضية عنه. وهي تفتقد متحرقة لدور متأخر في شركة غاز نابوكو حيث يفترض أن تبدأ بتخزين وتسويق وتمرير (31) مليار متر مكعب من الغاز وصولاً إلى (40) مليار متر مكعب – لاحقاً – في مشروع يرهن أنقرة أكثر فأكثر لقرارات واشنطن والناتو دون أن يكون لها الحق في أن تصر على الدخول إلى الاتحاد الأوروبي الذي لفظها مرات عدة!
تأسست شركة غاز بروم بالتعاون مع صديق ألماني لموسكو يدعى (هانز جوشيم غوينغ) الذي شغل منصب نائب رئيس سابق لشركة صناعة الغاز والنفط الألماني وهو الذي أشرف على بناء شبكة خطوط الأنابيب التابعة لشركة (GDR). وقد ترأس غاز بروم (حتى شهر تشرين الأول/أوكتوبر 2011) فلاديمير كوتينيف (وهو سفير روسي سابق في ألمانيا).
وقد وقعت الشركة صفقات نوعية ومريحة جداً مع شركات ألمانية وعلى رأسها الشركات المتعاونة مع السيل الشمالي كشركة(E.ON)العملاقة للطاقة وشركة (BASF)العملاقة للكيميائيات.. حيث تأخذ شركة (E.ON) تفضيلات لشراء كمية من الغاز على حساب شركة غاز بروم عندما ترتفع أسعار الغاز.. ما يعتبر بمثابة دعم (سياسي) لشركات الطاقة الألمانية.
وقد استفادت موسكو من تحرر أسواق الغاز الأوروبية من الاحتكار لإرغام تلك الأسواق على فك الارتباط بين شبكات التوزيع ومنشآت الإنتاج. هذا الاشتباك بين روسيا وبرلين يطوي صفحة من العداء التاريخي ليرسم صفحة أخرى من التعاون على أساس الاقتصاد.. والتنصل من ثقل تنوء به ألمانيا وهو ثقل أوروبا المتخمة بالديون والتابعة للولايات المتحدة.. فيما ترى ألمانيا أن المجموعة الجرمانية (ألمانيا والنمسا والتشيك وسويسرا) هي الأولى بأن تشكل نواة أوروبة لا أن تتحمل النتائج المترتبة على قارة عجوز وعملاق آخر يتهاوى.
وتشمل مشاريع غاز بروم المشتركة مع ألمانيا مشروع وين غاز المشترك مع وينترشال أحد فروع (BASF) وهي أكبر منتج للنفط والغاز في ألمانيا وتسيطر على 18% من سوق الغاز.. حيث نالت ألمانيا حصصاً غير مسبوقة في الأصول الروسية؛ إذ تسيطر شركتا (BASF) و (E.ON) على ربع حقول غاز يوزنو –روسكويا التي ستقدم معظم الإمدادات لمشروع السيل الشمالي في وقت ليس من قبيل الصدفة أو مجرد المحاكاة أن تكون نظيرة غاز بروم الروسية في ألمانيا تدعى غاز بروم الجرمانية التي توسع مجالها لتمتلك 40% من شركة (Centrex) النمساوية المخصصة لخزن الغاز والتي لها في قبرص امتداد نوعي.. حيث لا يبدو أن تركيا ستكون راضية عنه. وهي تفتقد متحرقة لدور متأخر في شركة غاز نابوكو حيث يفترض أن تبدأ بتخزين وتسويق وتمرير (31) مليار متر مكعب من الغاز وصولاً إلى (40) مليار متر مكعب – لاحقاً – في مشروع يرهن أنقرة أكثر فأكثر لقرارات واشنطن والناتو دون أن يكون لها الحق في أن تصر على الدخول إلى الاتحاد الأوروبي الذي لفظها مرات عدة!
وواقع الحال أن الصلات الاستراتيجية عبر الغاز تجعل الصلات أكثر استراتيجية في قطاعات السياسة حيث يمتد تأثير موسكو على الحزب الاجتماعي الديموقراطي الألماني في ويستفاليا شمالي نهر الراين حيث توجد القاعدة الصناعية الرئيسة لفرعي شركتي (RWE) للكهرباء المرتبطة مع روسيا بوثاقة
(E.ON).
وهذا التأثير يعترف به الجميع في ألمانيا.. إذ إن رئيس قسم سياسات الطاقة في حزب الخضر هانس جوزيف فيل قد أكد أن أربع شركات ألمانية على صلة بروسيا تلعب دوراً في صوغ سياسة الطاقة الألمانية عبر شبكة معقدة جداً تقوم بالضغط على الوزراء وتحتكر الرأي العام.. وذلك عبر هيئة العلاقات الاقتصادية الشرق أوروبية التي تمثل الشركات الألمانية والتي على اتصال وثيق بأعمال تجارية في روسيا ودول كتلة الاتحاد السوفياتي السابق.
هنا.. فإن ما يجعل ثمة صمتاً (لا بد منه) تتبعه ألمانيا إزاء ما يجري من نفوذ روسي متسارع. أساس هذا الصمت الاعتراف بأن ثمة ضرورة لتحسين ما يسمى (أمن الطاقة) في أوروبة.
اللافت أن ألمانيا باتت تعتبر أن سياسة (التمرير) المقترحة من الاتحاد الأوروبي لتغطية أزمة اليورو ستعيق الاستثمارات (الألمانية –الروسية) بشكل طويل الأمد. وهذا هو السبب – يقف مع غيره من الذرائع – وراء التمهل الألماني في إنقاذ اليورو المثقل بديون الأوروبيين … بخلاف ألمانيا وكتلتها الجرمانية التي تستطيع تحملها وحدها دون غيرها.
وفي كل مرة يعاند فيها الأوروبيون ألمانيا وسياستها مع روسيا (الطاقية) تؤكد برلين على أن خطط أوروبة (يوتوبية) غير قابلة للتنفيذ وقد تدفع روسيا لبيع غازها في آسيا. وهذا سيطيح الأمن الطاقي في أوروبة.
وهذا التأثير يعترف به الجميع في ألمانيا.. إذ إن رئيس قسم سياسات الطاقة في حزب الخضر هانس جوزيف فيل قد أكد أن أربع شركات ألمانية على صلة بروسيا تلعب دوراً في صوغ سياسة الطاقة الألمانية عبر شبكة معقدة جداً تقوم بالضغط على الوزراء وتحتكر الرأي العام.. وذلك عبر هيئة العلاقات الاقتصادية الشرق أوروبية التي تمثل الشركات الألمانية والتي على اتصال وثيق بأعمال تجارية في روسيا ودول كتلة الاتحاد السوفياتي السابق.
هنا.. فإن ما يجعل ثمة صمتاً (لا بد منه) تتبعه ألمانيا إزاء ما يجري من نفوذ روسي متسارع. أساس هذا الصمت الاعتراف بأن ثمة ضرورة لتحسين ما يسمى (أمن الطاقة) في أوروبة.
اللافت أن ألمانيا باتت تعتبر أن سياسة (التمرير) المقترحة من الاتحاد الأوروبي لتغطية أزمة اليورو ستعيق الاستثمارات (الألمانية –الروسية) بشكل طويل الأمد. وهذا هو السبب – يقف مع غيره من الذرائع – وراء التمهل الألماني في إنقاذ اليورو المثقل بديون الأوروبيين … بخلاف ألمانيا وكتلتها الجرمانية التي تستطيع تحملها وحدها دون غيرها.
وفي كل مرة يعاند فيها الأوروبيون ألمانيا وسياستها مع روسيا (الطاقية) تؤكد برلين على أن خطط أوروبة (يوتوبية) غير قابلة للتنفيذ وقد تدفع روسيا لبيع غازها في آسيا. وهذا سيطيح الأمن الطاقي في أوروبة.