lunes, octubre 19, 2015

أخبرني أيها الحرالفنانة السوريةا / لفنانة السورية

الفنانة السورية

الفنانة السورية

ردّت الفنانة السورية رغدة على المجرم الإرهابي الذي شقّ صدر الجندي السوري لينتزع قلبه وينهشه بوحشية، وقد كتبت قصيدة على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” تقول فيها:

أخبرني أيها الحر.. أيهما كان أحمر؟؟
شريانه التاجي أم الأبهر..
شققت صدره.. اقتلعت قلبه.. ومضغته على أصوات الله أكبر
هل الله ربك
أم بنت أبي عتبة الأعور
يا هند تيهي
فقد خرج من نسلك
من هو أحقد منك.. وأحقر



على كل نقع يثار..ع. اللطيف شهبون

 على كل نقع يثار..

على كل نقع يثار..
بحس مواطن يقظ مسنود بدربة مهنية مديدة ومعمقة كتب رئيس تحرير جريدة الشمال الأستاذ عزيز كنوني ـ في عز المعمعان الانتخابي ـ  موضوعا بالغ الأهمية ، متعلقا بماضي وحاضر ومستقبل ثغر مغربي شمالي محتل ؛ هو ثغر سبتة ، الذي مضى على احتلاله ستمائة سنة *
كتب عزيز موضوعه منبها المتغافلين ، منتبها لما تحصل لديه من مقروءاته في  الأرشيف البرتغالي والاسباني والمغربي ، مسترفدا من وقائع التاريخ الوسيط والحديث والمعاصر، مدللا بذلك كله على ضرورة الاستعبار في التماس أفق تحريري لهذا الثغر السليب ، حتى يكتب اسمه  مجددا في جسد الصحراء.. "ما أيسر الوصل مهما تناءى وشط المزار.."
كتب عزيز موضوعه واضعا جهات ومؤسسات أمام مسؤوليتها : حكومة ومنظمات سياسية ومدنية وكيانات بحثية ومنابر اعلامية ، مقرا في الآن ذاته بقصور السياسات عن تسخير اللازم من الوسائل والممكنات لاسترجاع  سبتة ضدا على تأبيد احتلالها.
ذكرني موضوع احتلال سبتة بما كتبه شعراء المغرب حولها ، فانتقيت من مقولهم نصا فريدا لأستاذي وصديقي المرحوم أحمد المجاطي ، لم أجد ما يحاذيه أو يدانيه بناء ومعنى؛ وهو نص بعنوان :" سبتة "  ضمنه ديوانا فاز به  ـ رحمه الله ـ بجائزة ابن زيدون الممنوحة من طرف المركز الثقافي الاسباني بمدريد لأحسن ديوان باللغة العربية سنة 1985 . وعنوان الديوان:" الكلمة الصغيرة".
                                    سبتـــــــــــــــة
أنا النهر أمتهن الوصل بين الحنين وبين الربابة
وبين لهاث الغصون وسمح السحابة
أنا النهر ، أسرج همس الثوانـي وأركب نسغ الأغاني
وأترك للريح والضيف صيفي ومجدول سيفي
وآتي على صهوة الغيمِ،
 آتي على صهوة الضيمِ ،
آتي على كل نقع يثارُ..
وآتيك ، أمنح عينيك لون سهادي
وحسن صهيل جوادي
وأمنح عينيك صولة طارقْ
وأسقط خلف رماد الزمانِ
وخلف رماد الزوارقْ
أقول عرفتك ؛
أنت قرارة كأسي وقبضة فأسي
وعتب وكفارة وصلاةُ
وزنزانة يشمخ الصمت فيها قبضتيها وتعنو الدواة ُ
أقول عرفتك ، أنت..
ويخذلني العشق ، تصرعني قهقهات السكارى
فهل أنت واحدة من نسائي العذارى ؟
أمَ انَّـك عينان غرناطةٌ فيهما طفلة ٌ؟
آه قاتلتي أنت ، حين أجوس شوارعك الخلف حانا ومبْغى
وحين أراك عطورا مهربة وخمورا وتِبْغا
وحين أراك على مدخل الثغر عاشقة غجريــّـــــهْ
مدرجة ً تحت أحذية الهتك ، لا حولَ للفتكة البكْـرِ فيك
ولا حولَ للنخوة العربية
وبيني وبين العبور
ـ " إذن سوف تأتي على قَدم من لجيْنٍ
ستأتي متى نبتت شوكة ٌ بين نفسي وبيني "
وتلقين معطفكِ الفرْو َ
" هل همست نسمة
أن تطوان جارية
أن مراكشاً تنفش العِهن َ.
اني أحاور أروقة القصر،
ألبس الليل زهو الخوان ْ
وقهقهة القهرمان ْ
وأني ..
هل همست نسمة ؟ "
يتدارك عينيك شوق وشكل ُ ُ
تغنين مقرورة :
آه في ليلة العاشر من يوليوز
رأيت نفسي طفلة خرساءْ
تكتب للفجر اسمها
في جسد الصحراء
رأيت نفسي طفلة مسكونـــــــــــهْ
تكتب للماء اسمها
في جذع ليمونــــــــــــــهْ
في ليلة العاشر من يوليوز"
وأمضي مع اللحن
حين أباغت عينيك
أصحو على مذبح النهر،
أصحو على مصرع الكبرياءْ،
على غصن قافية من رثاء..ْ
وما أيسر الوصلَ مهما تناءى وشط المزارُ
سآتي على صهوة الغيمِ.
آتي على صهوة الضيم ِ.
آتي على كل نقع يثارُ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* ينظر موضوع الأستاذ الكنوني بجريدة الشمال ، عدد 799 ـ تاسع ذي القعدة 1436 ـ 25 غشت 2015 .    

sábado, octubre 10, 2015

الربيع العربي - حرب الغاز - ناصر قنديل


حرب الغاز : الصراع على سورية و الشرق الأوسط


الربيع العربي - حرب الغاز - ناصر قنديل 

يحتاج الحدث في المنطقة إلى عقول تتجاوز التحليلات الآنية التي تغص بها إحداثيات العمل الإعلامي الذي يُعنى (بالماكرو) سياسة على حساب (الميكرو) سياسة.. إلا أنه لم يكن استهداف الشرق الأوسط بهذا الحجم من الصراع الدولي.. ببعيد من الصراع على الغاز في العالم والشرق الأوسط.
ففي وقت بدا فيه أن ثمة تداعياً في دول اليورو وسط أزمة اقتصادية أميركية بالغة الدقة أوصلت أميركا إلى حجم دين عام مقداره 14.94 تريليون دولار.. أي بنسبة 99.6% من الناتج الإجمالي.. في وقت وصل فيه النفوذ الأميركي إلى حد ضعيف جداً في مواجهة قوى صاعدة كالصين والهند والبرازيل بات واضحاً أن البحث عن مكمن القوة لم يعد في الترسانات العسكرية النووية وغير النووية.. إنما هناك … حيث توجد الطاقة. وهنا بدأ الصراع الروسي – الأميركي يتجلى في أبرز عناصره.
لقد تلمس الروس بعد سقوط الاتحاد السوفياتي أن الصراع على التسلح قد أنهكهم وسط غياب عن عوالم الطاقة الضرورية لأي دولة صناعية.. فيما كان الأميركيون يتحركون في مناطق النفط عبر عقود عدة مكنتهم من النمو ومن السيطرة على القرار السياسي الدولي بلا منازعات كبيرة. ولهذا تحرك الروس باتجاه مكامن الطاقة (النفط والغاز). وعلى اعتبار أن القسمة الدولية لا تحتمل المنافسة في قطاعات النفط كثيراً.. عملت موسكو على السعي إلى ما يشبه (احتكار) الغاز في مناطق إنتاجها أو نقلها وتسويقها على نطاق واسع.

خريطة خطوط الطاقة في المنطقة
كانت البداية عام 1995 حين رسم بوتين استراتيجية شركة غاز بروم لتتحرك في نطاق وجود الغاز من روسيا فأذربيجان فتركمانستان فإيران (للتسويق) وصولاً إلى منطقة الشرق الأوسط (أخيراً).. وكان من المؤكد أن مشروعي السيل الشمالي والسيل الجنوبي سيكونان وسام الاستحقاق التاريخي على صدر فلاديمير بوتين من أجل عودة روسيا إلى المسرح العالمي ومن أجل إحكام السيطرة على الاقتصاد الأوروبي الذي سيعتمد لعقود على الغاز بديلاً من النفط أو بالتوازي معه.. ولكن بأولوية أكبر لصالح الأول. وهنا كان على واشنطن أن تسارع إلى تصميم مشروعها الموازي (نابوكو) لينافس المشروع الروسي على قسمة دولية.. على أساسها ستتحدد آفاق القرن المقبل سياسياً واستراتيجياً.

يشكل الغاز فعلياً مادة الطاقة الرئيسة في القرن الواحد والعشرين سواء من حيث البديل الطاقي لتراجع احتياطي النفط عالمياً أم من حيث الطاقة النظيفة. ولهذا.. فإن السيطرة على مناطق الاحتياطي (الغازي) في العالم تعتبر بالنسبة للقوى القديمة والحديثة أساس الصراع الدولي في تجلياته الإقليمية.
واضح أن روسيا قد قرأت الخارطة وتعلمت الدرس جيداً.. فسقوط الاتحاد السوفياتي كان بسبب غياب موارد الطاقة العالمية عن سيطرته.. لتضخ إلى البنى الصناعية المال والطاقة.. وبالتالي البقاء. ولذلك تعلمت أن لغة الطاقة الآتية إلى القرن الواحد والعشرين على الأقل هي لغة الغاز.

بقراءة أولية لخارطة الغاز نراها تتموضع في المناطق التالية من حيث الكم والقدرة على الوصول إلى مناطق الاستهلاك:
1.     روسيا.. انطلاقاً من فيبورغ (Vyborg) وبيري غوفيا (Beregovya).
2.     الملحق الروسي: تركمانستان.
3.     المحيط الروسي القريب والأبعد: أذربيجان وإيران.
4.     المقنوص من روسيا: جورجيا.
5.     منطقة شرق المتوسط (سورية ولبنان).
6.     قطر ومصر.

على هذا سارعت موسكو للعمل على خطين استراتيجيين: الأول.. التأسيس لقرن روسي – صيني (شنغهايي) يقوم على أساس النمو الاقتصادي لكتلة شنغهاي من ناحية.. والسيطرة على منابع الغاز من ناحية أخرى.. وبناء عليه.. فقد أسست لمشروعين أولهما هو مشروع السيل الجنوبي.. وثانيهما هو مشروع السيل الشمالي.. وذلك في مواجهة مشروع أمريكي لاقتناص غاز البحر الأسود وغاز أذربيجان؛ وهو مشروع نابوكو.

سباق استراتيجي بين مشروعين للسيطرة على أوروبا من ناحية وعلى مصادر الغاز من ناحية أخرى
§         المشروع الأميركي نابوكو: ومركزه آسيا الوسطى والبحر الأسود ومحيطه.. فيما موقعه المخزِّن هو (تركيا) ومساره منها إلى بلغاريا فرومانيا ثم هنغاريا فالتشيك وكرواتيا وسلوفينيا فإيطاليا. وكان من المقرر أن يمر باليونان.. إلا أنه تم غض الطرف عن هذا كرمى لتركيا.
§         المشروع الروسي في شقيه الشمالي والجنوبي والذي يقطع الطريق عبر التالي:
1.    أ‌- السيل الشمالي: وينتقل من روسيا إلى ألمانيا مباشرة.. ومن فاينبرغ إلى ساسنيتز عبر بحر البلطيق دون المرور ببيلاروسيا.. وهو ما خفف الضغط الأميركي عليها.
2.    ب‌- السيل الجنوبي: ويمر من روسيا إلى البحر الأسود فبلغاريا ويتفرع إلى اليونان فجنوب إيطاليا وإلى هنغاريا فالنمسا.
المفروض أن مشروع نابوكو كان من المقرر أن يسابق المشروعين الروسيين.. إلا أن الأوضاع التقنية قد أخرت المشروع إلى عام 2017 بعد أن كان مقرراً عام 2014.. ما جعل السباق محسوماً لصالح روسيا.. في هذه المرحلة بالذات..ما يستدعي البحث عن مناطق دعم رديفة لكل من المشروعين وتتمثل في:
1.     الغاز الإيراني الذي تصر الولايات المتحدة على أن يكون رديفاً لغاز نابوكو ليمر في خط مواز لغاز جورجيا (وإن أمكن أذربيجان) إلى نقطة التجمع في أرضروم (Erzurum) في تركيا.
2.     غاز منطقة شرق المتوسط (سورية ولبنان وإسرائيل).
3.     خط الغاز المقبل من الربع الخالي السعودي الذي لا طريق له إلا سورية.
4.     خط الغاز القطري الذي لا طريق له نحو أوروبا إلا سورية أيضاً والذي يجب منع مروره لأنه عتلة المنافسة الأميركية لسيطرة روسيا على عصر الغاز.

وبالقرار الذي اتخذته إيران ووقعت اتفاقياته لنقل الغاز عبر العراق إلى سورية في شهر يوليو 2011 تصبح سورية هي بؤرة منطقة التجميع والإنتاج بالتضافر مع الاحتياطي اللبناني.. وهو فضاء استراتيجي – طاقي يُفتح لأول مرة جغرافياً من إيران إلى العراق إلى سورية فلبنان. وهو ما كان من الممنوعات غيرالمسموح بها لسنين طويلة خلت؛ الأمر الذي يفسر حجم الصراع على سورية ولبنان في هذه المرحلة وبروز دور لفرنسا التي تعتبر منطقة شرق المتوسط منطقة نفوذ تاريخية ومصالح لا تموت.. وهو دور ينسجم مع طبيعة الغياب الفرنسي منذ الحرب العالمية الثانية ما يعني أن فرنسا تريد أن يكون لها دور في عالم (الغاز) حيث اقتطعت لنفسها بوليصة تأمين صحي بخصوصه في ليبيا وتريد بوليصة تأمين على الحياة به في كل من سورية ولبنان
.
في هذا الوقت.. تشعر تركيا انها ستضيع في بحر صراع الغاز طالما أن مشروع نابوكو متأخر.. ومشروعا السيل الشمالي والسيل الجنوبي يستبعدانها.. فيما غاز شرق المتوسط قد بات بعيداً من نفوذ نابوكو وبالتالي تركيا.
تاريخ اللعبة
---------------
من أجل مشروع السيل الشمالي والسيل الجنوبي أسست موسكو شركة غاز بروم في أوائل النصف الأول من تسعينيات القرن العشرين. واللافت أن ألمانيا التي تريد أن تخلع عنها أسوار ما بعد الحرب العالمية الثانية.. قد هيأت نفسها لتكون طرفاً وشريكاً لهذا المشروع.. إن من حيث التأسيس أو من حيث مآل الأنبوب الشمالي أو من حيث مخازن السيل الجنوبي التي تقع في المحيط الجرماني وتحديداً النمسا.
غاز بروم
----------
تأسست شركة غاز بروم بالتعاون مع صديق ألماني لموسكو يدعى (هانز جوشيم غوينغ) الذي شغل منصب نائب رئيس سابق لشركة صناعة الغاز والنفط الألماني وهو الذي أشرف على بناء شبكة خطوط الأنابيب التابعة لشركة (GDR). وقد ترأس غاز بروم (حتى شهر تشرين الأول/أوكتوبر 2011) فلاديمير كوتينيف (وهو سفير روسي سابق في ألمانيا).

وقد وقعت الشركة صفقات نوعية ومريحة جداً مع شركات ألمانية وعلى رأسها الشركات المتعاونة مع السيل الشمالي كشركة(E.ON)العملاقة للطاقة وشركة (BASF)العملاقة للكيميائيات.. حيث تأخذ شركة (E.ON) تفضيلات لشراء كمية من الغاز على حساب شركة غاز بروم عندما ترتفع أسعار الغاز.. ما يعتبر بمثابة دعم (سياسي) لشركات الطاقة الألمانية.

وقد استفادت موسكو من تحرر أسواق الغاز الأوروبية من الاحتكار لإرغام تلك الأسواق على فك الارتباط بين شبكات التوزيع ومنشآت الإنتاج. هذا الاشتباك بين روسيا وبرلين يطوي صفحة من العداء التاريخي ليرسم صفحة أخرى من التعاون على أساس الاقتصاد.. والتنصل من ثقل تنوء به ألمانيا وهو ثقل أوروبا المتخمة بالديون والتابعة للولايات المتحدة.. فيما ترى ألمانيا أن المجموعة الجرمانية (ألمانيا والنمسا والتشيك وسويسرا) هي الأولى بأن تشكل نواة أوروبة لا أن تتحمل النتائج المترتبة على قارة عجوز وعملاق آخر يتهاوى.

وتشمل مشاريع غاز بروم المشتركة مع ألمانيا مشروع وين غاز المشترك مع وينترشال أحد فروع (BASF) وهي أكبر منتج للنفط والغاز في ألمانيا وتسيطر على 18% من سوق الغاز.. حيث نالت ألمانيا حصصاً غير مسبوقة في الأصول الروسية؛ إذ تسيطر شركتا (BASF) و (E.ON) على ربع حقول غاز يوزنو –روسكويا التي ستقدم معظم الإمدادات لمشروع السيل الشمالي في وقت ليس من قبيل الصدفة أو مجرد المحاكاة أن تكون نظيرة غاز بروم الروسية في ألمانيا تدعى غاز بروم الجرمانية التي توسع مجالها لتمتلك 40% من شركة (Centrex) النمساوية المخصصة لخزن الغاز والتي لها في قبرص امتداد نوعي.. حيث لا يبدو أن تركيا ستكون راضية عنه. وهي تفتقد متحرقة لدور متأخر في شركة غاز نابوكو حيث يفترض أن تبدأ بتخزين وتسويق وتمرير (31) مليار متر مكعب من الغاز وصولاً إلى (40) مليار متر مكعب – لاحقاً – في مشروع يرهن أنقرة أكثر فأكثر لقرارات واشنطن والناتو دون أن يكون لها الحق في أن تصر على الدخول إلى الاتحاد الأوروبي الذي لفظها مرات عدة!

وواقع الحال أن الصلات الاستراتيجية عبر الغاز تجعل الصلات أكثر استراتيجية في قطاعات السياسة حيث يمتد تأثير موسكو على الحزب الاجتماعي الديموقراطي الألماني في ويستفاليا شمالي نهر الراين حيث توجد القاعدة الصناعية الرئيسة لفرعي شركتي (RWE) للكهرباء المرتبطة مع روسيا بوثاقة
(E.ON).

وهذا التأثير يعترف به الجميع في ألمانيا.. إذ إن رئيس قسم سياسات الطاقة في حزب الخضر هانس جوزيف فيل قد أكد أن أربع شركات ألمانية على صلة بروسيا تلعب دوراً في صوغ سياسة الطاقة الألمانية عبر شبكة معقدة جداً تقوم بالضغط على الوزراء وتحتكر الرأي العام.. وذلك عبر هيئة العلاقات الاقتصادية الشرق أوروبية التي تمثل الشركات الألمانية والتي على اتصال وثيق بأعمال تجارية في روسيا ودول كتلة الاتحاد السوفياتي السابق.

هنا.. فإن ما يجعل ثمة صمتاً (لا بد منه) تتبعه ألمانيا إزاء ما يجري من نفوذ روسي متسارع. أساس هذا الصمت الاعتراف بأن ثمة ضرورة لتحسين ما يسمى (أمن الطاقة) في أوروبة.

اللافت أن ألمانيا باتت تعتبر أن سياسة (التمرير) المقترحة من الاتحاد الأوروبي لتغطية أزمة اليورو ستعيق الاستثمارات (الألمانية –الروسية) بشكل طويل الأمد. وهذا هو السبب – يقف مع غيره من الذرائع – وراء التمهل الألماني في إنقاذ اليورو المثقل بديون الأوروبيين … بخلاف ألمانيا وكتلتها الجرمانية التي تستطيع تحملها وحدها دون غيرها.

وفي كل مرة يعاند فيها الأوروبيون ألمانيا وسياستها مع روسيا (الطاقية) تؤكد برلين على أن خطط أوروبة (يوتوبية) غير قابلة للتنفيذ وقد تدفع روسيا لبيع غازها في آسيا. وهذا سيطيح الأمن الطاقي في أوروبة.



نحن الجالسون على الأريكة محمد منصوري

نحن الجالسون على الأريكة

نحن الجالسون على الأريكة... نتابع مسلسلات الموت والدمار على القنوات الفضائية. نتألم في صمت، نغضب ونكيل الشتائم للذين يتآمرون على البشرية. الذين أباحوا قتل الأطفال وجردوا الإنسان من الإنسانية. نحن الجالسون على الأريكة... نقرأ المقالات، نحلل المؤامرات ونتنبأ بالنهايات. فنحن نعرف كل كبيرة وصغيرة في عالم السياسة والمال والأعمال، ولكن... ونحن جالسون على الأريكة.
عجيب حالنا! كيف صرنا نمضي معظم وقتنا في الجلوس على الأريكة وكل هَمِّنا هو أن نرى ونعرف كم هو حجم الدمار وكم بلغ عدد الضحايا. والمفارقة الغريبة هنا، أن حتى هؤلاء الضحايا الأبرياء ليسوا أفضل منا في شيء! فلو كنا مكانهم لكانوا هم من يجلس على الأريكة. ماذا عسانا نفعل إذن؟ نستبدل الأريكة بسرير مريح ونغطُّ في نوم عميق؟ أم نتجرد من كل وسائل الراحة ونلتحق بأرض المعركة؟ وحتى لو قررنا خوض المعركة، في أي صف سنكون؟ مع قوى الهدم أم مع قوى البناء؟
نحن الجالسون على الأريكة لسنا بالأشرار ولكن قد نساهم في الهدم عن قصد أو دون قصد بدعوى أننا نريد التغيير ولم نعد نتقبل واقعنا. قد نساهم في الهدم حين ننساق لدعوات التعصب والحمية، حين نجيز قتل من خالفنا في الرأي أو لم يساندنا في القضية. قد نساهم في الهدم إذا صرنا دعاة حرب باسم الدين والطائفية وظَنُّنَا أننا بذلك نشتري الحياة الأبدية. قد نساهم في الهدم حين ننتقد كل شيء حولنا ونعيش في عالم من السلبية، حين نهمل القدرات الوليدة ونستهزئ بكل المبادرات الفردية. فإن كنا هكذا سنسعى للتغيير فخير لنا أن نبقى جالسين على الأريكة.
نحن جالسون على الأريكة لأننا فقدنا أي حس حيوي بالهدف. شعورنا باليأس والعجز جعلنا نعيش حياة من اللامبالاة. فإذا استعدنا الأمل وقررنا أن نصبح بناة للحضارة العالمية وأردنا أن يعم السلام على الإنسانية علينا أن نجدد الثقة في القوى المرتبطة بعملية البناء وننضم لها كي تستمر في اكتساب القوة مهما بلغت آفاق المستقبل القريب من الكآبة والظلمة. فالحفاظ على البيئة، مثلا، ليس حكرا على هيأة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لأنه يعتمد في الأساس على تغيير جذري في سلوك الأفراد والجماعات وطبيعة العلاقة التي تجمعهم بالأرض والطبيعة، علاقة مبنية على الاستغلال المشترك المتزن وليس على الاستهلاك الفردي الجشع. فنحن اليوم قد نعتني بنظافة بيتنا ونرمي بالأزبال في الشوارع. ونتفنن في تزيين حديقتنا بالورود والأشجار ولا نبالي بالدمار الذي يلحق بالغابات المحيطة بنا. أما احتجاجنا على الأنظمة المستبدة ومطالبنا بالحرية والديمقراطية فيجب أن يبدأ من الأسرة التي ينفرد فيها الأب بكل دواليب الحكم وأخذ القرار وتعاني فيها الأم والأخت والابنة كل أشكال التمييز وعدم المساواة. لذلك صار لزاماً علينا أن نعيد صياغة المفاهيم التي شكلت فيما مضى معاييرنا الاجتماعية.
اليوم، نحن مقبلون على إصلاح شامل للمنظومة التعليمية. فإذا كنا مدركين أن التقدم يتحقق من خلال العمليات التعليمية التي تجعل المعرفة في متناول الجميع وتضمن ألا تبقى ملك أقلية ذات أفضلية، فهل نحن مدركون أن خطوة بهذا الحجم من الأهمية تستدعي مشاركة بناءة من كل أفراد المجتمع وليس فقط من لدى المؤسسات المعنية. أجل، إن التغيير البَنَّاء هو الذي يبدأ من الفرد ويؤسس لمفهوم "العائلة كوحدة" والتي تشكل اللبنة الأساس في بناء المجتمع. فمثلما تتوقف حياة كل خلية وكل عضو على سلامة الجسم ككل، كذلك يجب أن يُنشد رخاء كل فرد وكل أسرة في رخاء المجتمع بأكمله.
إذا قررنا أن نترك الجلوس على الأريكة علينا أن نعي أن القادم من الأيام فيه كثير من التضحية وبذل الجهد. فعلينا أن نشحذ الهمة لإزالة التعصبات المتأصلة في مجتمعاتنا لأن الروح الإنساني ليس له جنس ولا عرق ولا قومية ولا طبقة. علينا أن نقرر من الآن فصاعدا أن نتحرى الحقيقة في كل شيء ونجتنب التقليد وكثيرا من الظن، لأننا بذلك فقط نستطيع أن نمحو المعتقدات الخرافية والتقاليد البالية التي تعترض سبيل الاتحاد. إذا قررنا أن نترك الجلوس على الأريكة علينا أن نسعى لتحقيق المساواة بين المرأة والرجل باعتبار الأمر ضرورةً وليس امتيازاً، فهما الجناحان بالنسبة للمجتمع بهما فقط يستطيع التحليق عاليا في سماء التقدم والازدهار. إذا قررنا أن نترك الجلوس على الأريكة علينا أن نعمل بجد لأن العمل الذي يؤدى بروح الخدمة هو بمنزلة العبادة، ولأن عبادة الله لا تتجلى فحسب في مزاولتنا لشعائرنا الدينية بل تبرز أيضا عند قيامنا بأعمالنا اليومية بمنتهى التفاني والإخلاص، وذلك فقط هو ما يعكس قدر تشبعنا بتلك التعاليم والقيم التي تدعو لها كل الديانات ويتوق إليها كل إنسان نبيل.
إن التمسك بالمثل العليا وتطبيقها في الحياة اليومية ليسا بالشيء نفسه. فتنزيل مثل عليا كهذه، وغيرها كثير، على أرض الواقع لن يتأتى بترديد الشعارات الرنانة، فهو يتطلب منا أن ننخرط جميعا في عملية "تَعَلُّم" طويلة المدى. الأمر منطقي، فبما أننا أطلنا الجلوس على الأريكة، علينا أن نتعلم كيف نقف من جديد ونبني مجتمعنا وألا نبقى فقط متفرجين... أقصد جالسين على الأريكة.